السؤال
السلام عليكم،كان لي شريك في العمل توفاه الله قبل فترة وجيزة وكانت جميع المسؤوليات المادية عليه من حسابات الزبائن والشركات الأخرى التي كنا نتعامل معها في يوم دفنه قمت في المسجد وتعهدت بسداد جميع دينه أمام الناس ذلك لأنه على علمي أنه لا يملك مالا غير الذي يملكه في الشركة وفي الواقع كانت مسحوباته قد تجاوزت أرباحه ورأس ماله لكن بعد وفاته تبين أن له مالا يكفي لسداد دينه كله ويزيد سؤالي هو: هل اعتبر مسؤولا عن تسديد ديونه في حالة تقاعس إخوته عن سداد هذا الدين أم تبقى في ذمة أهله؟جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى أحمد في المسند عن جابر قال: توفي رجل فغسلناه وحنطناه وكفناه ثم أتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم، يصلي عليه، فقلنا: تصلي عليه. فخطا خطوة، ثم قال: أعليه دين؟ قلنا: ديناران، فانصرف فتحملهما أبو قتادة، فأتيناه فقال أبو قتادة: الديناران علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحق الغريم، وبرئ منهما الميت؟ قال: نعم، فصلى عليه، ثم قال بعد ذلك بيوم ما فعل الديناران؟ فقال: إنما مات أمس، قال: فعاد إليه من الغد، فقال: قضيتهما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، الآن بردت عليه جلدته. وصححه الأرناؤوط.
قال الشوكاني: فيه دليل على أن خلوص الميت من ورطة الدين وبراءة ذمته على الحقيقة ورفع العذاب عنه إنما يكون بالقضاء عنه، لا بمجرد التحمل بالدين بلفظ الضمانة. انتهى
فإذا تحمل أحد دينا عن ميت وجب عليه الوفاء بما تحمل سواء ترك الميت مالا أم لم يتركه، ويرجع على المكفول عنه "الأصيل" إذا تبين أن له مالا، قال الدسوقي في حاشيته على الشرح الكبير: وإذا تحمل عن الميت المعسر عالما بعسره فأدى عنه فإنه لا يرجع في مال يطرأ بعد ذلك لأن تحمله معروف وتبرع منه، وأما إن علم أن له مالا أو ظنه أو شك فيه ثم ظهر له مال فإنه يرجع بما دفعه عنه. انتهى
وبناء على هذه فإنه يجب على ورثة الميت أن يسددوا الدين عمن ورثوه قبل قسمة التركة، فإن لم يفعلوا وجب عليك أنت أيها السائل أن تسد الدين عن الميت عملا بمقتضى الكفالة، ثم ترجع على الورثة بما سددت، فإن أبوا، باءوا بالإثم، ويمكنك أن تلجأ إلى القضاء للحصول على حقك بالطرق المتاحة.
والله أعلم.