السؤال
سؤالي هو: إذا كان رسم الأنمي كهواية فقط، فهل هو جائز؟ وهل يجوز رسمي للأنمي كهواية حيث إنني أرسم منذ الصغر وانقطعت عنه عدة مرات خوفا من أن يكون حراما فآثم؟ فالكثير من الشيوخ حللوا الرسم الكرتوني، لكنني لا أعلم هل يشمل رسم الأنمي، لأنني أراه مختلفا، وقد أرفقت روابط صور للتوضيح:
http://img1.ak.crunchyroll.com/i/spire4/1d57b85f2782588f70b24fe2447c24821389318899_full.jpg
ربما أقوم بتأليف عمل هادف للمجتمع مستقبلا، وقد قرأت فتاوى كثيرة، ومنها الفتوى رقم: 199449، حيث حللت رسم الأنمي الهادف لكي يصرف الشباب المسلم عن الأنمي الياباني المخل والمنافي لديننا، وهل الأنمي الهادف يشترط أن يكون هادف دينيا؟ أم لا بأس إن كان هادفا اجتماعيا فقط، مع مراعاة القيود الشرعية لرسم الأنمي؟..
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن رسم الصور التامة لذوات الأرواح ـ ومنه ما يسمى بالأنمي ـ محرم عند جماهير العلماء، للنصوص الواردة في الزجر عن التصوير، ووعيد المصورين، من ذلك: حديث عائشة: أنها اشترت نمرقة فيها تصاوير، فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على الباب فلم يدخل، فعرفت، أو فعرفت في وجهه الكراهية، فقالت: يا رسول الله؛ أتوب إلى الله وإلى رسوله، فماذا أذنبت؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما بال هذه النمرقة؟ فقالت: اشتريتها لك، تقعد عليها وتوسدها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أصحاب هذه الصور يعذبون، ويقال لهم: أحيوا ما خلقتم، ثم قال: إن البيت الذي فيه الصور لا تدخله الملائكة. متفق عليه.
وفي رواية عنها أنها قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد سترت سهوة لي بقرام فيه تماثيل، فلما رآه هتكه وتلون وجهه وقال: يا عائشة؛ أشد الناس عذابا عند الله يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله، قالت عائشة: فقطعناه فجعلنا منه وسادة أو وسادتين. متفق عليه.
وحديث ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون. متفق عليه. وفي لفظ لمسلم: إن من أشد أهل النار، يوم القيامة، عذابا المصورون.
وقد عده بعض العلماء من كبائر الذنوب، قال الحجاوي في نظم الكبائر:
وتصوير ذي روح وإتيان كاهن وإتيان عراف وتصديقهم زد.
وفي شرح مسلم للنووي: قال أصحابنا وغيرهم من العلماء: تصوير صورة الحيوان حرام شديد التحريم وهو من الكبائر لأنه متوعد عليه بهذا الوعيد الشديد المذكور في الأحاديث وسواء صنعه بما يمتهن أو بغيره، فصنعته حرام بكل حال لأن فيه مضاهاة لخلق الله تعالى وسواء ما كان في ثوب أو بساط أو درهم أو دينار أو فلس أو إناء أو حائط أو غيرها، ولا فرق في هذا كله بين ما له ظل وما لا ظل له، هذا تلخيص مذهبنا في المسألة، وبمعناه قال جماهير العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وقال بعض السلف: إنما ينهى عما كان له ظل ولا بأس بالصور التي ليس لها ظل، وهذا مذهب باطل، فإن الستر الذي أنكر النبي صلى الله عليه وسلم الصورة فيه لا يشك أحد أنه مذموم وليس لصورته ظل مع باقي الأحاديث المطلقة في كل صورة. اهـ باختصار.
والرسم المحرم يشمل رسم الشخصيات الخيالية التي لا نظير لها في الواقع ـ كالشخصيات الكرتونية ـ ويدل على ذلك: ما أخرجه مسلم في صحيحه عن عائشة، قالت: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفر، وقد سترت على بابي درنوكا فيه الخيل ذوات الأجنحة، فأمرني فنزعته. وراجعي فيه الفتوى رقم: 34635.
لكن إن كانت الرسوم غير تامة ـ وهي التي حذف منها الرأس، أو الصدر ونحوها مما لا تتم الحياة إلا به ـ فلا بأس به كما في الفتوى رقم: 237895.
وأما الأنمي الهادف: فقد أفتينا بجوازه ترجيحا للمصلحة الغالبة، كما بيناه التفصيل في الفتوى رقم: 3127.
وهذا يشمل كل ما فيه إفادة ونفع للمسلمين، سوء سميناه هادفا دينيا أو اجتماعيا، والنصيحة المبذولة هي الكف عن رسم ذوات الأرواح لمجرد الهواية والتسلية، وإذا أبيت إلا التسلي بالرسم فاشتغلي برسم غير ذوات الأرواح، كما أخرج البخاري عن سعيد بن أبي الحسن، قال: كنت عند ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ إذ أتاه رجل فقال: يا أبا عباس، إني إنسان إنما معيشتي من صنعة يدي، وإني أصنع هذه التصاوير، فقال ابن عباس: لا أحدثك إلا ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: سمعته يقول: من صور صورة، فإن الله معذبه حتى ينفخ فيها الروح، وليس بنافخ فيها أبدا ـ فربا الرجل ربوة شديدة، واصفر وجهه، فقال: ويحك، إن أبيت إلا أن تصنع، فعليك بهذا الشجر، كل شيء ليس فيه روح.
والله أعلم.