السؤال
ابتلاني الله بارتداد أحد أقربائي عن الإسلام، ودخوله في دين فرقة مبتدعة، فكيف أستطيع إقناعه عن العدول عن دين المبتدعة وإقناعه بتبرئة أم المؤمنين عائشة وفضل الصحابة وإثبات خطأ المبتدعة ومغالاتهم ونفاقهم وشركهم بالله جل وعلا؟ أرجو دعمي بأدلة تاريخية.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من آكد الواجبات الشرعية والنصح للمسلمين منعهم من التأثر بأقوال المبتدعة والأديان المخالفة، وتحقيق ذلك يحتاج بذل ما تيسر من طلب العلم الشرعي في علم التفسير والحديث والعقيدة وسير السلف وأقوال أهل العلم في الردود على المبتدعة، وبقدر التمكن في ذلك يستطيع الساعي في رد الشبه أن ينجح في مهتمه ويسلم من التأثر بأقوال أهل الضلال، ومن لم يتمكن من ذلك فننصحه بالبعد عن مناقشة أهل الباطل، لئلا تنطلي عليه شبههم، فقد نص أهل العلم على أن من لا يملك العلم الشرعي الذي يرد به على أهل البدع والضلالات، فالواجب عليه هجرهم واعتزالهم، جاء في الآداب الشرعية لابن مفلح: وقال أحمد في مكان آخر: ويجب هجر من كفر، أو فسق ببدعة، أو دعا إلى بدعة مضلة، أو مفسقة على من عجز عن الرد عليه، أو خاف الاغترار به والتأذي دون غيره. انتهى.
وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم فضل الصحابة وبين منزلتهم وخيريتهم، ودعا إلى حفظ حقهم وإكرامهم، وعدم إيذائهم بقول أو فعل، وحض على اتباع الخلفاء الراشدين والاقتداء بهم خاصة، فقال صلى الله عليه وسلم، كما في الصحيحين: خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم. وقال: لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه. أخرجه مسلم في الصحيح.
وقال أيضا: الله الله في أصحابي، لا تتخذوهم غرضا بعدي، فمن أحبهم فبحبي أحبهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم، ومن آذاهم فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن آذى الله يوشك أن يأخذه. رواه الترمذي وأحمد، وفي إسناده رجل مجهول.
وقال: فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ. رواه ابن ماجه، وأبو داود، وأحمد والحاكم، والترمذي وقال: حديث حسن صحيح ـ وصححه السيوطي.
ومن رمى عائشة ـ رضي الله عنها ـ بما برأها الله منه فقد كفر، لأنه مكذب للقرآن، فقد نقل القاضي عياض في الشفا عن الإمام مالك ـ رحمه الله ـ أنه قال: من سب عائشة قتل، قيل له: لم؟ قال: من رماها فقد خالف القرآن. انتهى.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فأما من سب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم: فقال القاضي أبو يعلى: من قذف عائشة بما برأها الله منه كفر بلا خلاف ـ وقد حكى الإجماع على هذا غير واحد، وصرح غير واحد من الأئمة بهذا الحكم، فروي عن مالك: من سب أبا بكر جلد، ومن سب عائشة قتل، قيل له: لم؟ قال: من رماها فقد خالف القرآن، لأن الله تعالى قال: يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مؤمنين ـ وقال أبو بكر بن زياد النيسابوري: سمعت القاسم بن محمد يقول لإسماعيل بن إسحاق: أتى المأمون بالرقة برجلين شتم أحدهما فاطمة والآخر عائشة، فأمر بقتل الذي شتم فاطمة وترك الآخر، فقال إسماعيل: ما حكمهما إلا أن يقتلا، لأن الذي شتم عائشة رد القرآن، وعلى هذا مضت سيرة أهل الفقه والعلم من أهل البيت وغيرهم ـ قال أبو السائب القاضي: كنت يوما بحضرة الحسن بن زيد الداعي بطبرستان وكان يلبس الصوف ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويوجه في كل سنة بعشرين ألف دينار إلى مدينة السلام يفرق على سائر ولد الصحابة وكان بحضرته رجل ذكر عائشة بذكر قبيح من الفاحشة، فقال: يا غلام اضرب عنقه، فقال له: العلويون: هذا رجل من شيعتنا، فقال: معاذ الله، هذا رجل طعن على النبي صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات أولئك مبرؤون مما يقولون لهم مغفرة ورزق كريم ـ فإن كانت عائشة خبيثة، فالنبي خبيث، فهو كافر، فاضربوا عنقه ـ فضربوا عنقه وأنا حاضر، رواه اللالكائي. انتهى.
وراجع للتوسع في الموضوع منهاج السنة للشيخ تقي الدين، والموسوعة الميسرة، ومختصر التحفة لمحب الدين الخطيب.
والله أعلم.