السؤال
أنا أم لأربعة أطفال، وألد ولادة قيصرية، وحملت للمرة الخامسة، والأطباء حذروني من انفجار الرحم خلال الحمل، فقمت بإسقاطه في الشهر الثاني، وندمت على ذلك واستغفرت الله، وحملت للمرة السادسة، ولخوفي من الأطباء وتمسكي بالحمل لم أذهب إلا في الشهر السادس فوجدت أن الجنين بدون مخ، وسوف يموت خلال ساعات أو أيام، فقال لي الطبيب: من الممكن أن يعيش عدة أيام أو شهور عن طريق المساعدة الطبيبة، فرفضت أن أعذبه وطلبت منهم عدم المساعدة إلا للضرورة، ووضعت في الشهر السابع، لأن الرحم أوشك على الانفجار وطلبت عدم رؤية الرضيع حتى لا أتعذب به، فمات بعد الولادة بثلاث ساعات دون أن أره، لأنني كنت تحت تأثير المخدر. فهل حرام عدم تقديم المساعدة الطبية له مع العلم أنها لا تنفعه؟ وكيف أستغفر من ذنبي وأجعله يسامحني؟.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمرجع في معرفة سبب الوفاة إلى الأطباء، فهم الذين يحددون سببها، وكان الواجب عليك التقيد بوصية الطبيب وقبول المساعدة الطبية، لاحتمال أن يعيش الطفل أياما أو أشهرا أو سنين، فقد وجدت حالات مماثلة لحالة طفلك قد عاشت عدة سنين، فقد قال العلامة محمد محمد مختار الشنقيطي في كتابه الجراحة الطبية: ثبت وجود أطفال بدون مخ وعاش بعضهم على حالته أكثر من عشر سنوات، وهذا يدل دلالة واضحة على أن موت الدماغ لا يعتبر موجبا للحكم بالوفاة، إذ لو كان كذلك لما عاش هؤلاء لحظة بدون المخ الذي يعتبر موته أساسا في الحكم بموت الدماغ..... ثم ذكر في الحاشية: نشرت جريدة المسلمون في عددها رقم: 232، بتاريخ 11ـ 12ـ 1409 ـ السنة الخامسة، مقالا تحت عنوان: طفل بلا مخ، ولكنه يعيش وينمو ويضحك ـ ذكرت حادثة الطفل الذي ولد بدون مخ وقرر الأطباء أنه لا يعيش أكثر من أسبوعين، وبلغ إلى وقت الخبر خمس سنوات، ثم ذكرت حالتين أخريين: الأولى لطفل يبلغ عمره إلى حين نشر الخبر اثنتي عشرة سنة، والثانية لطفل يبلغ عمره ثلاث سنوات. انتهى.
فإذا كان الأطباء قاموا بالمساعدة الضرورية كما رغبت، ومات، فلا شيء عليك، وإن كان يمكن إنقاذه لكن لم يفعلوا ذلك لطلبك عدم المساعدة، وتسبب هذا في موته بشهادة الأطباء، فتكوني قد فرطت في إنقاذ طفلك حتى مات بعد ولادته بثلاث ساعات ـ كما ذكرت ـ ويكون هذا من القتل الخطأ، فقد ذكر أهل العلم أنه إذا كان الدواء يغلب على الظن نفعه وتحقق التلف بتركه، فالراجح أنه يجب حينئذ، ولا يجوز تركه، قال ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ في الشرح الممتع في حكم التداوي: فالأقرب أن يقال ما يلي: أن ما علم أو غلب على الظن نفعه مع احتمال الهلاك بعدمه، فهو واجب. انتهى.
فإذا تحقق تفريطك ـ بناء على كلام الأطباء ـ فيكون من قبيل القتل الخطأ، وبالتالي فعلى عاقلتك الدية، وعليك الكفارة وهي عتق رقبة، فإن لم تجدي فصيام شهرين متتابعين، وعليك أن تتوبي إلى الله تعالى وتستغفريه، ومن تاب إلى الله تاب الله عليه، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، وللفائدة يرجى مراجعة الفتويين رقم: 16458، ورقم: 118083، وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.