السؤال
قال تعالى: (فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم) سورة النساء.
أرجو تفسير معنى: أو ما ملكت أيمانكم. وهل تستطيع امرأة أن تهب نفسها لرجل؟ علما أنني من بلد يمنع تعدد الزوجات، ويعاقب بالسجن لمن اتخذ عقدا عرفيا.
أرجوكم، انصحوني، ولكم جزيل الشكر.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذا المقطع من القرآن الكريم جزء من الآية الثالثة من سورة النساء، وهي قوله تعالى: وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا {النساء: 3}.
ومعنى ملكت أيمانكم: إماؤكم، وهن الرقيقات المملوكات للرجل فيجوز له أن يطأهن بملك اليمين دون عقد ولا مهر ولا شهود ولا ولي... إذا لم يوجد مانع شرعي من التحريم بالرضاعة أو النسب.
قال ابن عطية: (وما ملكت أيمانكم) يريد الإماء، والمعنى: إن خاف الرجل ألا يعدل في عشرة واحدة فما ملكت يمينه، وإسناد الملك لليمين وهي اليد اليمنى، وذلك لشرفها وتمكنها وخصوصيتها بالمحاسن. اهـ.
وقد انتهى ملك اليمين في هذا العصر، فلا يوجد عبيد ولا أرقاء، ولا يعني هذا إلغاء أحكام الرق، إذا وجدت أسبابه وانتفت موانعه.
قال ابن قدامة في المغني: الأصل في الآدميين الحرية، فإن الله تعالى خلق آدم وذريته أحرارا، وإنما الرق لعارض، فإذا لم يعلم العارض، فله حكم الأصل، ولا يجوز لأحد أن يسترق نفسه لغيره، ولو رضي بذلك، لأن الحرية حق لله تعالى، هذا ما اتفق عليه أهل العلم. اهـ.
وعليه، فلا يجوز للمرأة أن تهب نفسها لرجل كأنها ملك يمينه، ولكن لا مانع من أن تتنازل له عن بعض حقوقها الشخصية الأخرى أو كلها، كأن تقبل الزواج منه، مع التنازل عن حقها في النفقة أو السكن.
وأما تحريم ما أحل الله تعالى أو تحليل ما حرم؛ فهذا من أكبر الكبائر، وأعظم الذنوب، فالتحريم والتحليل من حق الخالق -سبحانه وتعالى-، قال تعالى: ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين. وقال تعالى: ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاع قليل ولهم عذاب أليم [النحل:116-117].
والذي يسن القوانين لتحريم تعدد الزوجات آثم إثما عظيما لمخالفته كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. وانظري الفتوى: 16402.
والله أعلم.