السؤال
ما هو التفسير الصحيح لهذه الآية وهل تنطبق على أيامنا هذه: ومن يتولهم منكم فهو منهم؟. وشكرا.
ما هو التفسير الصحيح لهذه الآية وهل تنطبق على أيامنا هذه: ومن يتولهم منكم فهو منهم؟. وشكرا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس لفظ الآية كما ذكر السائل، وإنما لفظها: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين {المائدة: 51}.
وأما معناها: فقال القاسمي في محاسن التأويل: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء ـ أي: لا يتخذ أحد منكم أحدا منهم وليا، بمعنى: لا تصافوهم ولا تعاشروهم مصافاة الأحباب ومعاشرتهم، قال المهايمي: إذا كان تودد أهل الكتاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم لقصد افتتانه عن بعض ما أنزل الله مع غاية كماله، فكيف حال من يتودد إليهم من المؤمنين؟... بعضهم أولياء بعض ـ إيماء إلى علة النهي، أي: فإنهم متفقون على خلافكم، يوالي بعضهم بعضا لاتحادهم في الدين، وإجماعهم على مضادتكم، فما لمن دينه خلاف دينهم ولموالاتهم؟! ومن يتولهم منكم فإنه منهم ـ أي: من جملتهم، وحكمه حكمهم وإن زعم أنه مخالف لهم في الدين، فهو بدلالة الحال منهم لدلالتها على كمال الموافقة...: إن الله لا يهدي القوم الظالمين ـ يعني: الذين ظلموا أنفسهم بموالاة الكفرة. اهـ.
وقال ابن عطية في المحرر الوجيز: نهى الله تعالى المؤمنين بهذه الآية عن اتخاذ اليهود والنصارى أولياء في النصرة والخلطة المؤدية إلى الامتزاج والمعاضدة، وحكم هذه الآية باق، وكل من أكثر مخالطة هذين الصنفين فله حظه من هذا المقت الذي تضمنه قوله تعالى: فإنه منهم ـ وأما معاملة اليهودي والنصراني من غير مخالطة ولا ملابسة، فلا تدخل في النهي، وقد عامل رسول الله صلى الله عليه وسلم يهوديا ورهنه درعه. اهـ.
فحكم الآية باق إلى عصرنا هذا وما بعده، ولكن لابد من مراعاة أن هذه الموالاة المنهي عنها، منها ما يكون معصية فقط، ومنها ما يصل إلى الكفر، وراجع في ذلك الفتويين التاليتين: 149369، 117416.
وقد سبق لنا بيان ضوابط التكفير وخطر الكلام فيه، وأنه ليس كل من وقع في الكفر وقع الكفر عليه، وذلك في عدة فتاوى، منها الفتويين التاليتين: 721، 53835.
والله أعلم.