ضابط التشبه بالكفار الذي يكفر به فاعله

0 450

السؤال

متى يكون التشبه بالكفار كفرا؟ لأني قرأت على موقعكم أنه لا يكون إلا عند التشبه بهم في نفس الكفر، وأنا لا أدري ما معنى: "نفس الكفر"؟ وما حكم الاستعانة ببعض الأفعال (الرياضات مثلا) والأقوال (مثل الحكم، والدورات التدريبية) وأغاني الأطفال التي منشؤها منهم؟
جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله،‎ ‎والصلاة والسلام على ‏رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما ‏بعد:‏ ‏ 

فليس مجرد التشبه بالكفار كفرا ‏ناقلا عن الملة، وإنما يكون الكفر ‏بالتشبه بهم في أعمال الشرك، أو ‏فيما يختصون به من عاداتهم، ‏وزيهم، بحيث يظن من رآه أن ‏صاحبه منهم، ولا بد أن يكون ‏الشخص فعل تلك العادات، أو لبس ‏ذلك الزي ميلا إليهم، وحبا لهم، فمن ‏فعل ذلك فقد كفر-والعياذ بالله، ‏ومن فعله لعبا فقط، أو لا لشيء ‏دون أن يكون محبا لأهله، ولا مائلا ‏إليهم، فقد عصى الله ورسوله ولم ‏يقع في الكفر.‏ ‏

قال خليل بن إسحاق المالكي: الردة ‏كفر المسلم بصريح، أو لفظ يقتضيه، ‏أو فعل يتضمنه كإلقاء مصحف ‏بقذر، وشد زنار. اهـ. 

قال الدردير: والمراد به ملبوس ‏الكافر الخاص به، أي إذا فعله حبا ‏فيه، وميلا لأهله، وأما إن لبسه لعبا، ‏فحرام وليس بكفر.  اهـ. 

وسئل الهيتمي-رحمه الله تعالى-:‏هل يحل اللعب بالقسي الصغار التي ‏لا تنفع، ولا تقتل صيدا بل أعدت ‏للعب الكفار، وأكل الموز الكثير ‏المطبوخ بالسكر، وإلباس الصبيان ‏الثياب الملونة بالصفرة تبعا لاعتناء ‏الكفرة بهذه في بعض أعيادهم، ‏وإعطاء الأثواب، والمصروف لهم ‏فيه إذا كان بينه وبينهم تعلق من ‏كون أحدهما أجيرا للآخر من قبيل ‏تعظيم النيروز ونحوه، فإن الكفرة ‏صغيرهم، وكبيرهم، وضعيفهم، ‏ورفيعهم حتى ملوكهم يعتنون بهذه ‏القسي الصغار، واللعب بها، وبأكل ‏الموز الكثير المطبوخ بالسكر اعتناء ‏كثيرا، وكذا بإلباس الصبيان الثياب ‏المصفرة، وإعطاء الأثواب، ‏والمصروف لمن يتعلق بهم وليس ‏لهم في ذلك اليوم عبادة صنم، ولا ‏غيره. وذلك إذا كان القمر في سعد ‏الذابح، في برج الأسد وجماعة من ‏المسلمين إذا رأوا أفعالهم يفعلون ‏مثلهم فهل يكفر، أو يأثم المسلم إذا ‏عمل مثل عملهم من غير اعتقاد ‏تعظيم عيدهم، ولا اقتداء بهم أو لا؟ 

فأجاب - رحمه الله تعالى- بقوله: لا ‏كفر بفعل شيء من ذلك، فقد صرح ‏أصحابنا بأنه لو شد الزنار على ‏وسطه، أو وضع على رأسه قلنسوة ‏المجوس، لم يكفر بمجرد ذلك. اهـ. ‏فعدم كفره بما في السؤال أولى، ‏وهو ظاهر، بل فعل شيئا مما ذكر ‏فيه لا يحرم إذا قصد به التشبيه ‏بالكفار، لا من حيث الكفر وإلا كان ‏كفرا قطعا. فالحاصل أنه إن فعل ذلك ‏بقصد التشبيه بهم في شعار الكفر، ‏كفر قطعا، أو في شعار العيد مع قطع ‏النظر عن الكفر، لم يكفر، ولكنه ‏يأثم. وإن لم يقصد التشبيه بهم ‏أصلا، ورأسا فلا شيء عليه. ثم ‏رأيت بعض أئمتنا المتأخرين ذكر ما ‏يوافق ما ذكرته، فقال: ومن أقبح ‏البدع موافقة المسلمين النصارى في ‏أعيادهم بالتشبه بأكلهم، والهدية ‏لهم، وقبول هديتهم فيه، وأكثر ‏الناس اعتناء بذلك المصريون، وقد ‏قال صلى الله عليه وسلم: من تشبه ‏بقوم فهو منهم. بل قال ابن الحاج: ‏لا يحل لمسلم أن يبيع نصرانيا شيئا ‏من مصلحة عيده لا لحما، ولا أدما، ‏ولا ثوبا، ولا يعارون شيئا ولو دابة؛ ‏إذ هو معاونة لهم على كفرهم، ‏وعلى ولاة الأمر منع المسلمين من ‏ذلك. ومنها اهتمامهم في النيروز ‏بأكل الهريسة، واستعمال البخور في ‏خميس العيدين سبع مرات، زاعمين ‏أنه يدفع الكسل، والمرض، وصبغ ‏البيض أصفر، وأحمر وبيعه، ‏والأدوية في السبت الذي يسمونه ‏سبت النور، وهو في الحقيقة سبت ‏الظلام، ويشترون فيه الشبث ‏ويقولون إنه للبركة، ويجمعون ورق ‏الشجر ويلقونها ليلة السبت بماء ‏يغتسلون به فيه لزوال السحر، ‏ويكتحلون فيه لزيادة نور أعينهم، ‏ويدهنون فيه بالكبريت، والزيت ‏ويجلسون عرايا في الشمس لدفع ‏الجرب، والحكة، ويطبخون طعام ‏اللبن، ويأكلونه في الحمام إلى غير ‏ذلك من البدع التي اخترعوها، ‏ويجب منعهم من التظاهر بأعيادهم. ‏اهـ.  

وراجع الفتاوى التالية أرقامها: ‏‏3310، 56757، 48765 ، ‏‏161147.‏ ‏

والله أعلم.‏

 

 

 

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة