السؤال
بالأمس جرحت قبل الاستحمام، ومسحت هذه الجروح بالمنديل، واستحممت بعدها بشكل عادي، لا أعلم هل كانت تنزف بعدها أم لا؟ لأنه راودتني أفكار أنها نجسة. وعند الاستحمام، وفرك الجسم انتقلت إلى جميع جسمي؛ لأنني بالتأكيد فركتها، ولامستها أثناء الاستحمام، ولا أعلم هل كانت متوقفة عن الدم وقتها أو لا؟
سؤالي: هل في ذلك شيء، يعني هل انتقلت النجاسة لأن الجروح كانت تنزف، ولم أغسلها أم يكفي فقط مسحها من الدم، والاستحمام بشكل عادي؟
أرجو أن لا تحيلوني إلى فتاوى أخرى.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد تبين لنا من خلال أسئلتك السابقة أن لديك وساوس كثيرة، نسأل الله تعالى أن يشفيك منها، وننبهك على أن أفضل علاج لمثل هذه الوساوس هو الإعراض عنها، وعدم الالتفات إليها؛ وراجعي المزيد في الفتوى رقم: 3086 .
ثم اعلمي أن النجاسة لا تنتقل بمجرد الشك؛ لأن الأصل الطهارة، فلا ينتقل عنها إلا بيقين، وعلى هذا فيكفيك ما فعلت من مسح الجرح، والاغتسال بعده بشكل عادي، ولا داعي لتخيل نزيف من ذلك الجرح، وانتقاله لباقي الجسد، فكل ذلك من ثمرات الوساوس التي تعتريك.
ويحسن بنا أن نأتي بكلام نفيس في هذا المجال للشيخ ابن عثيمين-رحمه الله-حيث قال في فتاوى نور على الدرب: لأن الشك لا يزول به اليقين، واليقين هو أن هذه الأرض، أو هذه الفرش طاهرة، فإذا شك الإنسان هل أصابتها نجاسة أم لم تصبها، فإنها لا تكون نجسة، بل هي طاهرة حكما، ولا ينبغي للإنسان أن يوقع الشك في نفسه في مثل هذه الأمور؛ لأنه إذا أوقع الشك في نفسه فربما يتطور هذا الشك حتى يكون وسواسا يعجز عن التخلص منه، وقد ذكر أن عمر بن الخطاب-رضي الله عنه-مر على صاحب حوض، وأصابه هو وصاحب له من هذا الحوض، فطلب صاحبه من صاحب الحوض أن يبين له هل هو نجس أم طاهر؟ فقال له عمر: يا صاحب الحوض، لا تخبرنا. هذا الأثر، أو معناه، وهذا يدل على أنه لا ينبغي للإنسان أن يتنطع فيما الأصل فيه الإباحة، أو الأصل فيه الطهارة، بل يبقى على الأصل حتى يزول هذا الأصل بيقين، ويشهد لهذا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الرجل يحس بالشيء في بطنه، فيشكل عليه هل خرج منه شيء أم لا؟ فقال-عليه الصلاة والسلام-: لا يخرج-يعني من المسجد-حتى يسمع صوتا، أو يجد ريحا) وهذه إشارة من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى البناء على الأصل، وهو الطهارة. انتهى.
والله أعلم.