لا يحكم بنجاسة شيء بمجرد الشك

0 250

السؤال

بالأمس جرحت قبل الاستحمام، ‏ومسحت هذه الجروح بالمنديل، ‏واستحممت بعدها بشكل عادي، لا ‏أعلم هل كانت تنزف بعدها أم لا؟ ‏لأنه راودتني أفكار أنها نجسة. وعند ‏الاستحمام، وفرك الجسم انتقلت إلى ‏جميع جسمي؛ لأنني بالتأكيد فركتها، ‏ولامستها أثناء الاستحمام، ولا أعلم ‏هل كانت متوقفة عن الدم وقتها أو ‏لا؟
سؤالي: هل في ذلك شيء، يعني هل ‏انتقلت النجاسة لأن الجروح كانت ‏تنزف، ولم أغسلها أم يكفي فقط ‏مسحها من الدم، والاستحمام بشكل ‏عادي؟ ‏
أرجو أن لا تحيلوني إلى فتاوى ‏أخرى.‏

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على ‏رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما ‏بعد: ‏

فقد تبين لنا من خلال أسئلتك ‏السابقة أن لديك وساوس كثيرة، ‏نسأل الله تعالى أن يشفيك منها، ‏وننبهك على أن أفضل علاج لمثل ‏هذه الوساوس هو الإعراض عنها، ‏وعدم الالتفات إليها؛ وراجعي المزيد ‏في الفتوى رقم: 3086‏ .

 ثم اعلمي أن النجاسة لا تنتقل بمجرد ‏الشك؛ لأن الأصل الطهارة، فلا ينتقل ‏عنها إلا بيقين، وعلى هذا فيكفيك ما ‏فعلت من مسح الجرح، والاغتسال ‏بعده بشكل عادي، ولا داعي لتخيل ‏نزيف من ذلك الجرح، وانتقاله لباقي ‏الجسد، فكل ذلك من ثمرات ‏الوساوس التي تعتريك.

  ويحسن بنا ‏أن نأتي بكلام نفيس في هذا المجال ‏للشيخ ابن عثيمين-رحمه الله-حيث ‏قال في فتاوى نور على الدرب: لأن ‏الشك لا يزول به اليقين، واليقين هو ‏أن هذه الأرض، أو هذه الفرش ‏طاهرة، فإذا شك الإنسان هل ‏أصابتها نجاسة أم لم تصبها، فإنها لا ‏تكون نجسة، بل هي طاهرة حكما، ‏ولا ينبغي للإنسان أن يوقع الشك في ‏نفسه في مثل هذه الأمور؛ لأنه إذا ‏أوقع الشك في نفسه فربما يتطور ‏هذا الشك حتى يكون وسواسا يعجز ‏عن التخلص منه، وقد ذكر أن عمر ‏بن الخطاب-رضي الله عنه-مر على ‏صاحب حوض، وأصابه هو وصاحب ‏له من هذا الحوض، فطلب صاحبه ‏من صاحب الحوض أن يبين له هل ‏هو نجس أم طاهر؟ فقال له عمر: يا ‏صاحب الحوض، لا تخبرنا. هذا ‏الأثر، أو معناه، وهذا يدل على أنه لا ‏ينبغي للإنسان أن يتنطع فيما الأصل ‏فيه الإباحة، أو الأصل فيه الطهارة، ‏بل يبقى على الأصل حتى يزول هذا ‏الأصل بيقين، ويشهد لهذا أن رسول ‏الله صلى الله عليه وسلم سئل عن ‏الرجل يحس بالشيء في بطنه، ‏فيشكل عليه هل خرج منه شيء أم ‏لا؟ فقال-عليه الصلاة والسلام-: لا ‏يخرج-يعني من المسجد-حتى يسمع ‏صوتا، أو يجد ريحا) وهذه إشارة ‏من رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏إلى البناء على الأصل، وهو ‏الطهارة. انتهى.‏ ‏

والله أعلم.‏

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة