انكشاف العورة في الصلاة بين الصحة والبطلان

0 270

السؤال

لبست سروالا قد قطع منه ما بين ‏الفخذين، ولبست فوقه ثوبا شفافا، ‏وصليت أكثر من صلاة، جاهلا ‏بالقطع.
فهل علي إعادة؟
وإذا علمت بوجود هذا القطع، وصليت.‏
‏ هل علي إعادة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كان هذا القدر من العورة لا ‏يشف الثوب عن لونه، فلا شيء ‏عليك اتفاقا، كما بيناه في الفتوى ‏رقم: 138153.‏
وسواء ما صليته قبل العلم بالشق، ‏وما صليته بعده.‏
فإن كان يصف لونه، لكن يكون ما ‏ظهر قليلا عرفا، كأن يكون لا يبدو ‏إلا بتكلف من الناظر، أو يبدو يسيرا ‏جدا، فلا شيء عليك -إن شاء الله- ‏على الراجح من مذاهب أهل العلم، ‏فيما صليته قبل العلم به، ولو كان ‏الانكشاف في جميع الصلاة.
وكذا إن كان كثيرا في القدر عرفا، ‏لكن يسيرا في الزمان عادة.
ومرجع الكثرة، والقلة في كلا الحالين ‏إلى العرف والعادة.‏
قال ابن قدامة رحمه الله: فإن ‏انكشف من العورة يسير، لم تبطل ‏صلاته. نص عليه أحمد، وبه قال أبو ‏حنيفة...

ولنا: ما روى أبو داود، ‏بإسناده عن أيوب، عن عمرو بن ‏سلمة الجرمي قال: انطلق أبي ‏وافدا إلى رسول الله صلى الله عليه ‏وسلم في نفر من قومه، فعلمهم ‏الصلاة، وقال: يؤمكم أقرؤكم. فكنت ‏أقرأهم، فقدموني، فكنت أؤمهم، وعلي ‏بردة لي صفراء صغيرة، وكنت إذا ‏سجدت انكشفت عني، فقالت امرأة ‏من النساء: واروا عنا عورة قارئكم. ‏فاشتروا لي قميصا عمانيا، فما ‏فرحت بشيء بعد الإسلام فرحي ‏به ورواه أبو داود، والنسائي ‏أيضا، عن عاصم الأحول، عن عمرو ‏بن سلمة، قال: فكنت أؤمهم في ‏بردة موصلة فيها فتق، فكنت إذا ‏سجدت فيها خرجت أستي. وهذا ‏ينتشر ولم ينكر، ولا بلغنا أن النبي ‏صلى الله عليه وسلم أنكره، ولا أحد ‏من أصحابه؛ ولأن ما صحت الصلاة ‏مع كثيره حال العذر، فرق بين قليله، ‏وكثيره في غير حال العذر، كالمشي، ‏ولأن الاحتراز من اليسير يشق، ‏فعفي عنه كيسير الدم. إذا ثبت هذا، ‏فإن حد الكثير ما فحش في النظر، ‏ولا فرق في ذلك بين الفرجين ‏وغيرهما. واليسير ما لا يفحش، ‏والمرجع في ذلك إلى العادة. انتهى.‏
وقال ابن تيمية في شرح عمدة ‏الفقه: ويعفى عن يسير العورة قدرا، ‏أو زمانا، فلو انكشف منها يسير -‏وهو ما لا يفحش في النظر- في ‏جميع الصلاة، أو كشفت الريح ‏عورته، فأعادها بسرعة، أو انحل ‏مئزره، فربطه، لم تبطل صلاته، ‏وسواء في ذلك العورة المغلظة ‏والمخففة. اهـ.‏
أما إن كان كثيرا في القدر، والزمان، ‏فتجب عليك الإعادة.
هذا كله إن علمت يقينا أن العورة ‏كانت مكشوفة في تلك الصلوات، بأن ‏لا يرد احتمال أن يسترها السروال ‏بانضمام طرفي الشق بعضهما إلى ‏بعض، أو مع ستر الثوب الشفاف ‏الذي لبسته.
أما إن جاز هذا وهذا، ولو باحتمال ‏ضعيف، فلا إعادة عليك أيضا عند ‏أكثر العلماء؛ لأن العبادة صحت ‏ظاهرا فلا يزال ذلك الحكم بالشك بعد ‏انقضائها.‏
والله أعلم.‏

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة