معنى درجة الصديقية ومنزلتها من النبوة

0 461

السؤال

فسر ابن الجوزي ‏في كتاب صيد الخاطر، معنى الصديقين بأنهم لا يفعلون ‏شيئا إلا من أجل الله، وإلا تركوه.‏
‏ فهل هذا المعنى هو المعنى الصحيح ‏لكلمة الصديقين، التي في قوله تعالى: ‏‏((ومن يطع الله والرسول فأولئك مع ‏الذين أنعم الله عليهم من النبيين ‏والصديقين ...))؟
وهل هذه الدرجة ‏هي أعلى المراتب، والدرجات بعد ‏النبوة؟ وهل يمكن الوصول إليها في ‏هذا الزمان أم إنها كانت في زمن ‏الصحابة فقط؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن معنى الصديقية، هو كمال ‏الإيمان بما جاء به الرسول صلى الله ‏عليه وسلم، علما، وتصديقا، وقياما. ‏كما قال ابن القيم في مفتاح دار ‏السعادة.‏
وقال السعدي: والصديقين وهم: ‏الذين كمل تصديقهم بما جاءت به ‏الرسل، فعلموا الحق، وصدقوه ‏بيقينهم، وبالقيام به قولا، وعملا، ‏وحالا، ودعوة إلى الله. اهـ.‏
والصديقية هي أعلى المراتب بعد ‏النبوة، فهي أعلى ما يمكن أن يصل ‏إليه المؤمن من الصحابة، أو ‏غيرهم، وليست حكرا على الصحابة ‏بل يمكن الوصول إليها في هذا ‏الزمان.‏
‏ قال ابن القيم في مفتاح دار ‏السعادة، في كلامه على مراتب ‏السعداء، والكمل من الناس: فأما ‏مراتب الكمال فأربع: النبوة، ‏والصديقية، والشهادة، والولاية.

وقد ‏ذكرها الله سبحانه في قوله: ومن ‏يطع الله والرسول فأولئك مع الذين ‏أنعم الله عليهم من النبيين ‏والصديقين والشهداء والصالحين ‏وحسن أولئك رفيقا ذلك الفضل من ‏الله وكفى بالله عليما. وذكر تعالى ‏هؤلاء الأربع في سورة الحديد فذكر ‏تعالى الإيمان به، وبرسوله، ثم ندب ‏المؤمنين إلى أن تخشع قلوبهم ‏لكتابه ووحيه، ثم ذكر مراتب ‏الخلائق شقيهم، وسعيدهم فقال: إن ‏المصدقين والمصدقات وأقرضوا الله ‏قرضا حسنا يضاعف لهم ولهم أجر ‏كريم والذين آمنوا بالله ورسله أولئك ‏هم الصديقون والشهداء عند ربهم ‏لهم أجرهم ونورهم والذين كفروا ‏وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم. ‏وذكر المنافقين قبل ذلك، فاستوعبت ‏هذه الآية أقسام العباد شقيهم ‏وسعيدهم. والمقصود أنه ذكر فيها ‏المراتب الأربع: الرسالة، ‏والصديقية، والشهادة، والولاية ‏فأعلى هذه المراتب النبوة والرسالة، ‏ويليها الصديقية، فالصديقون هم ‏أئمة اتباع الرسل، ودرجتهم أعلى ‏الدرجات بعد النبوة. اهـ.
ولم نقف على قول لأهل العلم بأن ‏منزلة الصديقية خاصة بالسلف، بل ‏إن الذي يفهم من كلام أهل العلم أنها ‏مرتبة يصل إليها من اتصف ‏بأوصافها.‏
‏ فقد قال ابن القيم في طريق ‏الهجرتين: فصل في مراتب المكلفين ‏في الدار الآخرة، وطبقاتهم فيها.

 ‏الطبقة الرابعة: ورثة الرسل، ‏وخلفاؤهم في أممهم، وهم القائمون ‏بما بعثوا به علما، وعملا، ودعوة ‏للخلق إلى الله على طرقهم ‏ومنهاجهم، وهذه أفضل مراتب ‏الخلق بعد الرسالة، والنبوة وهي ‏مرتبة الصديقية، ولهذا قرنهم الله ‏في كتابه بالأنبياء، فقال تعالى: ومن ‏يطع الله والرسول فأولئك مع الذين ‏أنعم الله عليهم من النبيين ‏والصديقين والشهداء والصالحين ‏وحسن أولئك رفيقا ـ فجعل درجة ‏الصديقية معطوفة على درجة النبوة، ‏وهؤلاء هم الربانيون، وهم ‏الراسخون في العلم، وهم الوسائط ‏بين الرسول وأمته، فهم خلفاؤه، ‏وأولياؤه، وحزبه، وخاصته، وحملة ‏دينه، وهم المضمون لهم أنهم لا ‏يزالون على الحق لا يضرهم من ‏خذلهم، ولا من خالفهم حتى يأتي ‏أمر الله وهم على ذلك.‏ وقال في مداج السالكين: فمن تعبد ‏الله بمراغمة عدوه، فقد أخذ من ‏الصديقية بسهم وافر. اهـ.
‏ والله أعلم.‏

 

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات