هل وصل الرحم بالسلام يُخرِج المرء من القطيعة؟

0 151

السؤال

لي أخت منتقبة تحفظ القرآن، وأنا أبغضها بشدة؛ لأنها تقطع كثيرا من أرحامها، ولما نصحتها قالت لي: أخجل من الاتصال بهم، كما أنها جافة في معاملتها معي، وعند إلقاء السلام ترد بـ: عليكم السلام باقتضاب شديد، وليس عندها لطف في المعاملة، فلذلك أنا أبغضها لسبب ديني، ودنيوي، فهل أحاسب على ذلك؟
كما أن صلتي لها تكون بالتهنئة بالأعياد في الهاتف، وهي تزور أمي في الإجازات الصيفية، وإجازة نصف العام، وأنا أسكن مع والدتي فأراها في تلك الفترة, أعلم أن الأفضل: الصلة بقدر المستطاع، ولكن بهذه الطريقة هل أنا قاطع؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فصلة الرحم وقطعها تختلف باختلاف الأحوال والأعراف، وأدنى درجات الصلة السلام، فمن تركه فهو قاطع، جاء في غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب: "...قال مثنى: قلت لأبي عبد الله: الرجل يكون له القرابة من النساء فلا يقمن بين يديه، فأي شيء يجب عليه من برهم؟ وفي كم ينبغي أن يأتيهم؟ قال: اللطف والسلام. اهـ.
وفي الحديث: بلوا أرحامكم ولو بالسلام. رواه البزار من حديث ابن عباس مرفوعا، والطبراني من حديث أبي الطفيل، والبيهقي من حديث أنس -رضي الله عنهم-.
وعليه؛ فما دمت لا تهجر أختك فلست قاطعا لرحمها، لكن الأولى أن تجتهد في صلتها حسب استطاعتك، قال القاضي عياض -رحمه الله-: وللصلة درجات، بعضها أرفع من بعض، وأدناها ترك المهاجرة، وصلتها بالكلام، ولو بالسلام، ويختلف ذلك باختلاف القدرة، والحاجة، فمنها واجب، ومنها مستحب، ولو وصل بعض الصلة ولم يصل غايتها لا يسمى قاطعا، ولو قصر عما يقدر عليه وينبغي له أن يفعله لا يسمى واصلا. نقله العيني في عمدة القاري شرح صحيح البخاري.
ومن أعظم أنواع صلتها: أمرها بالمعروف، ونهيها عن المنكر، والنصح لها.

والظاهر من السؤال: أن أختك صالحة، وليس عندها ما يقتضي بغضك لها، وعلى فرض أن عندها تقصير، فينبغي أن يتسع قلبك رحمة لها، وترجو لها الهداية، ولا ينافي ذلك إنكارك للمنكر، وبغضك للمعصية؛ قال ابن القيم -في مشاهدة الناس في المعاصي-: "...أن يقيم معاذير الخلائق، وتتسع رحمته لهم، مع إقامة أمر الله فيهم، فيقيم أمر الله فيهم رحمة لهم، لا قسوة وفظاظة عليهم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة