السؤال
إني أعمل بإحدى الشركات والتي تمنح عامليها مرتبا كبيرا، علما بأن الظروف الاقتصادية في بلدي سيئة، كما أن هذه الوظيفة ليست دائمة، فهي في الصحراء وبها مشقة كبيرة، وبعد عن أسرتي.
وقد رزقني الله باثنتين من البنات (ثلاث سنوات للكبرى، وشهران للصغرى) وأنا أعيش وزوجتي وبناتي في بيت أبي أطال الله عمره هو وأمي.
وعندنا في مصر يقوم العرف في الزواج على أن يدفع ولي المرأة جزءا كبيرا لتجهيز ابنته للزواج نظرا للظروف الاقتصادية للشباب، وقد تزوجت أنا بنفس الطريقة بتسهيلات ومساعدات كبيرة من ولي أمر زوجتي رحمة الله عليه.
ففكرت في أن أؤمن لبناتي من هذا المال جزءا كبيرا للزواج، وبالفعل اشتريت سبائك ذهب لابنتي الكبيرة بمبلغ أعتقد أنه كاف لتجهيزها حينما تكبر، والآن أقوم على العمل ذاته لابنتي الصغرى.
الأسئلة:
- كيفية إخراج الزكاة عن هذا الذهب؟ علما بأنه تعدى النصاب.
- ما الحكم إذا تركت هذا العمل، وأصبح ما أجني من المال فقط يغطي مصروفاتي؟ فهل تجب الزكاة عن هذا الذهب المعد لتجهيز البنات للزواج؟ علما بأنه سيكون مرهقا جدا علي إذا عملت في وظيفة عادية.
جزاكم الله كل الخير، ونفعنا الله وإياكم بالعلم والإيمان.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فما دام أن الذهب يبلغ النصاب فإنه تجب فيه الزكاة إذا حال الحول على تملكه، ومقدارها ربع العشر أي: 2.5 % ، فتخرج كل سنة منه أو من قيمته في السوق عند حولان الحول ربع العشر، وكونه لابنتك وهي صغيرة هذا لا يسقط وجوب الزكاة فيه؛ لأن الزكاة تجب في مال الصغير والمجنون عند أكثر أهل العلم، جاء في الموسوعة الفقهية: الزكاة في مال الصغير والمجنون: ذهب المالكية والشافعية والحنابلة إلى أن الزكاة تجب في مال كل من الصغير والمجنون ذكرا كان أو أنثى، وهو مروي عن عمر، وابنه، وعلي وابنه الحسن، وعائشة، وجابر، وبه قال ابن سيرين، ومجاهد، وربيعة، وابن عيينة، وأبو عبيد وغيرهم، واستدلوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: ألا من ولي يتيما له مال فليتجر فيه، ولا يتركه حتى تأكله الصدقة والمراد بالصدقة الزكاة المفروضة؛ لأن اليتيم لا يخرج من ماله صدقة تطوع، إذ ليس للولي أن يتبرع من مال اليتيم بشيء، ولأن الزكاة تراد لثواب المزكي ومواساة الفقير، والصبي والمجنون من أهل الثواب وأهل المواساة... اهــ
ولو أردت بذلك الذهب أن يكون حليا لابنتك عندما تكبر وتتزوج، فإن الزكاة تجب فيه أيضا، ولا يعتبر من جملة الحلي الذي لا تجب فيه الزكاة، جاء في حاشية الدسوقي على الشرح الكبير عن سقوط الزكاة فيما يتخذه الرجل من ذهب لزوجته وابنته: أو اتخذه لمن يجوز له استعماله كزوجته وابنته وأمته الموجودات عنده حالا وصلحن للتزين لكبرهن، فإن اتخذه لمن سيوجد أو لمن سيصلح لصغره الآن فالزكاة. اهــ
وجاء في حاشية الصاوي فيما تجب فيه الزكاة من الحلي: أو أعد لمن سيوجد له من زوجة أو سرية أو بنت فتجب فيه الزكاة ودخل في ذلك حلي امرأة اتخذته ـ بعد كبرها وعدم التزين به ـ لعاقبة الدهر أو لمن سيوجد لها من بنت صغيرة حتى تكبر، أو أخت أو أمة حتى تتزوج، فتجب فيه الزكاة ما دام معدا لما ذكر من يوم اتخاذه له حتى يتولاه من أعد له. اهــ
ولا علاقة لنوع عملك بالزكاة في ذلك الذهب، فما دام أنه يبلغ النصاب ويحول عليه الحول ففيه الزكاة، سواء بقيت في عملك هذا أو انتقلت لغيره أو صرت عاطلا عن العمل .
والله تعالى أعلم.