السؤال
لي صديقة تستفسر عن ما يلي:
ما حكم من صامت يوم عرفة، وتعمدت فعل العادة السرية في ذلك اليوم كونها لم تسيطر على نفسها؟ وهل تعيد الصيام كونها سبقت النية بالصوم؟ وهل صيامها باطل؟ وما حكم من قام بالعادة السرية في يوم من أيام رمضان متعمدا؟ وهل الدعاء مرفوض كون الفاحشة فعلت بيوم عرفة؟
أرجو الرد من فضيلتكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فالعادة السرية محرمة, كما بيناه في عدة فتاوى، كالفتوى رقم: 7170. وهي أثناء الصيام أقبح؛ إذ من المفترض أن يكون الصائم أبعد عن المحرمات، وفي الحديث: "إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب" متفق عليه.
قال الحافظ: والرفث باليد: اللمس، وبالعين: الغمز، والرفث بالفرج: الجماع، كما قال أهل العلم. فيقبح بالصائم أن يفعل ما حرم الله أثناء الصيام وهو ممسك عما هو مباح في الأصل، ثم هو مع ذلك يرتكب المحرمات.
ومع أن العادة السرية محرمة؛ إلا أنه لا يفسد بها الصيام إذا لم يحصل إنزال المني، فإن حصل إنزال فسد الصوم، قال ابن قدامة في المغني: ولو استمنى بيده فقد فعل محرما، ولا يفسد صومه به إلا أن ينزل، فإن أنزل فسد صومه؛ لأنه في معنى القبلة في إثارة الشهوة... اهـ.
فإن كان صوما واجبا كصوم رمضان وجب قضاؤه، وإن كان صوما مستحبا كصوم يوم عرفة لم يجب قضاؤه, بل يستحب؛ قال الشوكاني في نيل الأوطار: والأحاديث المذكورة تدل على أنه يجوز لمن صام تطوعا أن يفطر...... إلى أن قال: ويدل على أنه يستحب للمتطوع القضاء لذلك اليوم، وقد ذهب إلى ذلك جمهور من أهل العلم.. اهـ.
وبعض الفقهاء يرى وجوب قضاء صوم التطوع إذا فسد، وهذا قول الحنفية، والمالكية أيضا، وهو أحوط.
جاء في الموسوعة الفقهية: إذا كان التطوع عبادة كالصلاة والصيام: فعند الحنفية، والمالكية : إذا شرع فيه وجب إتمامه، وإذا فسد وجب قضاؤه؛ لأن التطوع يلزم بالشروع مضيا وقضاء، ولأن المؤدى عبادة، وإبطال العبادة حرام؛ لقوله تعالى: { ولا تبطلوا أعمالكم }، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لعائشة, وحفصة -رضي الله عنهما-، وقد أفطرتا في صوم التطوع: اقضيا يوما مكانه. غير أن المالكية لا يوجبون القضاء إلا إذا كان الفساد متعمدا، فإن كان لعذر فلا قضاء.
وعند الشافعية، والحنابلة : يستحب الإتمام إذا شرع في التطوع ولا يجب، كما أنه يستحب القضاء إذا فسد، إلا في تطوع الحج والعمرة فيجب إتمامهما إذا شرع فيهما؛ لأن نفلهما كفرضهما، نية، وفدية، وغيرهما، واستدل الشافعية، والحنابلة على عدم وجوب الإتمام بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: الصائم المتطوع أمير نفسه، إن شاء صام، وإن شاء أفطر. اهـ.
وعدم وجوب القضاء هو المفتى به عندنا، وانظري الفتوى رقم: 56231.
وأما الدعاء، وقبوله: فأمره إلى الله تعالى.
والله تعالى أعلم.