السؤال
أنا شاب عمري 16 في وجهي عوارض لكنها خفيفة، ويوجد في وجهي أماكن بها شعر، وأخرى ليس بها شعر، فهل يجوز حلقها بالموسى حتى يكون شكلها طيبا؟ وما هي طريقة تطويل شعر اللحية؟ ويعارضني كثير من الناس بقولهم إن الله لا ينظر إلى صوركم ولكن ينظر إلى القلوب، ويستدلون بهذا على جواز حلق اللحية فكيف أرد عليهم؟.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعارضان من اللحية، وقد سئل الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ هل العارضان من اللحية؟ فأجاب بقوله: نعم العارضان من اللحية لأن هذا هو مقتضى اللغة التي جاء بها الشرع، قال الله تعالى: إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون. وقال تعالى: هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة. وبهذا علم أن ما جاء في القرآن والسنة فالمراد به ما يدل عليه بمقتضى اللغة العربية، إلا أن يكون له مدلول شرعي فيحمل عليه مثل: الصلاة هي في اللغة العربية الدعاء، لكنها في الشرع تلك العبادة المعلومة، فإذا ذكرت في الكتاب والسنة حملت على مدلولها الشرعي إلا أن يمنع من ذلك مانع، وعلى هذا فإن اللحية لم يجعل لها الشرع مدلولا شرعيا خاصا فتحمل على مدلولها اللغوي، وهي في اللغة اسم للشعر النابت على اللحيين والخدين من العظم الناتئ حذاء صماخ الأذن إلى العظم المحاذي له من الجانب الآخر، قال في القاموس: اللحية بالكسر: شعر الخدين والذقن. وهكذا قال في فتح الباري: هي اسم لما نبت على الخدين والذقن. وبهذا تبين أن العارضين من اللحية. انتهى. وراجع الفتوى رقم: 141215.
ولا يجوز حلق اللحية طلبا لتحسين شكلها أو تكثيرها، ولست مطالبا بتكثير شعر اللحية ولا تطويله، مع أن طريقة تطويل اللحية التي تسأل عنها ليست من اختصاص الفتوى.
وأما ما يعارضك به كثير من الناس مستدلين على جواز حلق اللحية بقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم. رواه مسلم.
فنقول: إن الذي قال: إن الله لا ينظر إلى صوركم ... الحديث، هو الذي أمر بإعفاء اللحية وتوفيرها وإرخائها، فلا يجوز ضرب الأحاديث بعضها ببعض.
هذا، وقد رد الشيخ محمد بن أحمد بن إسماعيل المقدم في كتابه (أدلة تحريم حلق اللحية) على من احتج بهذا الحديث على جواز حلق اللحية فقال: وأما قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله عز وجل لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم" فهو حجة عليهم لا لهم؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لم يقل "ولكن ينظر إلى قلوبكم" حتى عطف عليها "وأعمالكم" يعني التي تنبثق من تلك القلوب، والتي لا بد أن تكون صالحة موافقة لمرضاة الله عز وجل مرجوا بها وجهه سبحانه، وقد قال تعالى: {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون (2) الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون (3) أولئك هم المؤمنون حقا لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم}، ولا شك أن هذا الأسلوب في فهم النصوص هو وحده الكفيل بأن يسد الباب في وجه الزنادقة والملاحدة الذين يتحصنون وراء دعوى حسن النية ويرتكبون المخالفات الشرعية {وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون (11) ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون} ويضربون بالأحكام الظاهرة التي هي شعائر الإسلام وأعظم أركانه كالصلاة والزكاة والصيام والحج وغيرها عرض الحائط دون أن ينكر عليهم منكر، وإلا لزم أيضا نسبة التناقض إلى الشرع المنزه حيث تنبني أحكامه على ما يظهره الناس في دار الدنيا، ثم تهدر هذه الشرائع بحجة حسن نية ممن أهدروها, وهذا ما لم يفعله المنافقون في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنهم كانوا يصلون معه ويحجون معه ويجاهدون معه، وكانوا يتناكحون ويتوارثون مع المسلمين، وكان المسلمون يصلون عليهم ويدفنوهم معهم أخذا بما يظهرونه، ثم نقول: أليس الذي نطق بالنصوص التي تدل على أهمية النية هو الذي نطق بالنصوص التي فيها اعتبار الظاهر {وما ينطق عن الهوى (3) إن هو إلا وحي يوحى} صلى الله عليه وسلم, وصدق الله تعالى إذ قال: {ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا}. انتهى.
والله أعلم.