حديث: (اللهم زدنا ولا تنقصنا..) بين المضعفين والمصححين

0 274

السؤال

سألت سؤالا على موقعكم المبارك ورقم السؤال: 2516585
وكان الجواب: فهذا الحديث رواه أحمد والترمذي، والنسائي في الكبرى، والحاكم من حديث عمر ـ رضي الله عنه ـ ولفظ الدعاء الوارد في الحديث: اللهم زدنا ولا تنقصنا، وأكرمنا ولا تهنا، وأعطنا ولا تحرمنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وارض عنا، والحديث اختلف في صحته، إذ قد رمز السيوطي لصحته، وحسنه البغوي، وصححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله: سئل عبد الرزاق عن شيخه ذا ـ يعني يونس بن سليم ـ فقال: أظنه لا شيء، وضعفه كثير من أهل العلم، قال النسائي: هذا حديث منكر لا نعلم أحدا رواه غير يونس بن سليم، ويونس بن سليم لا نعرفه ـ وضعف الحديث الألباني والأرنؤوط. والحاصل أن الحديث ضعيف.
قلتم حضرتكم أن بعض المحدثين قالوا بصحته وبعضهم ضعفه، وآخر جملة في الحكم عليه "الحاصل أن هذا الحديث ضعيف؟!"
نحن نعرف أن فضيلة الشيخ الألباني صحح أحاديث وتراجع عن تصحيحها وبالعكس وحصل ذلك كثيرا منه، ثم هل أن الأمة قبل أن يخلق الله الألباني والأرنؤوط كانت في ضلالة وكانوا يعيشون في خضم الأحاديث الضعيفة، ثم أنقذ الله الأمة بالشيخ الألباني وحكم على حديث بصحته وآخر بضعفه؟ لماذا هذا التحيز؟ وعلى أي أساس ترفضون رأي ثلاثة من المحدثين الكبار، وتجزمون بضعف الحديث لأن الألباني قال عنه ضعيف؟!
أول الجواب قلتم اختلف العلماء على صحته، وآخر الإجابة جزمتم بضعفه؟! لماذا؟! أليس من الأولى احترام كل آراء أهل العلم؟ واعتبار هذا الباب كأي نوع من أبواب الاجتهاد الذي اختلفت فيه آراء العلماء والمحدثين؟. كما لا يخفى على فضيلتكم أن منهجية الشيخ الألباني في الحكم على الحديث ليست مقبولة عند كل المحدثين؟! هل نرمي بآراء باقي المحدثين عرض الحائط ونجزم بالحكم على الحديث جزافا دون الاعتراف أو حتى الاكتراث باجتهاد بقية المحدثين؟
وجزاكم الله خيرا ونفع بكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: 

فهون عليك أيها الأخ الكريم فالخطب يسير، وليس الأمر على ما تصورت من أننا نضرب بآراء المحدثين عرض الحائط مقتصرين على قول الألباني أو غيره، بل الشيخ الألباني كغيره من أهل العلم يوافق ويخالف، وليس نقل كلامه بمانع من الاستفادة من غيره ممن هو مثله أو أجل منه، وهذا الحديث المشار إليه لم ينفرد الألباني بتضعيفه، ولا نحن اخترنا القول بضعفه تحيزا أو تقليدا عن غير بصيرة، بل قد ضعفه إمام عصره النسائي كما ضعفه الذهبي، فأي تثريب علينا إذا وافقنا هؤلاء الأئمة، وقد بينا وجه ضعف الحديث، وأن علته يونس بن سليم وهو لا يعرف كما قال النسائي، فعلة الحديث ظاهرة، وإذا كان كذلك فالمعتمد قول المضعف وهم أئمة كبار قدمهم في هذا الشأن أي قدم، ولسنا بصدد الحكم على منهجية الشيخ الألباني في التصحيح والتضعيف، ولكن الذي نعتقده أن الشيخ ـ رحمه الله ـ من أجل من خدم علم الحديث في هذا العصر، ولا ريب في سعة اطلاعه ووفور علمه في هذا الفن، ومع ذا فلم يتوقف علم الحديث عنده، وليس قوله بحجة على قول غيره، بل هو كغيره من أهل العلم يؤخذ من قوله ويرد، ونحن في موقعنا كثيرا ما نخالف أقوال الشيخ إلى أقوال غيره ممن هو مثله أو أجل منه، ولو تتبعت فتاوانا ظهر لك هذا، فليس لهذا التشنج في سؤالك ما يسوغه، والخطب كما ذكرنا يسير، ولو قلدت أنت من يرى صحة هذا الحديث فلا تثريب عليك، والشأن في هذا العلم كالشأن في غيره، من ظهرت له الحجة فيه اتبعها، ومن لم تظهر له الحجة قلد من يثق به من العلماء، وقد قال العراقي في ألفيته:

فاعن به ولا تخض بالظن     ولا تقلد غير أهل الفن

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة