حكم ثمن بيع الشقة التي غير بائعها في بيانات التقديم للحصول عليها عند شرائه إياها

0 351

السؤال

اشتريت شقة في مدينة 6 أكتوبر، وغيرت في بيانات التقديم للحصول عليها، وسددت أقساطها، وبعد عشرين سنة بعتها بمبلغ كبير جدا، فما حكم هذا المبلغ مع تغيير البيانات التي قمت بها؟
أفتونا مأجورين.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلم توضح لنا ماذا غيرت من بيانات ليكون الجواب مطابقا للحال، وليتضح أثر ذلك على البيع، فقد يفضي تغيير البيانات إلى فساد العقد. وعلى افتراض فساد العقد الذي قبضت بموجبه الشقة، وقد بعتها الآن، فثمنها لك كله؛ ووجه ذلك أن البيع من مفوتات تدارك البيع الفاسد لتعلق حق الآخرين بالمبيع، وتلزمك قيمتها للجهة المالكة لها، وقد اختلف العلماء في ضمان المبيع بعقد فاسد، هل يكون بقيمة المبيع أم بالثمن المسمى في العقد الفاسد أم أن فيه تفصيلا؟ وذلك على النحو التالي:
جاء في الموسوعة الفقهية: "البيع الفاسد واجب الفسخ حقا لله تعالى، ويجب رد المبيع إلى البائع، ورد الثمن إلى المشتري، فإذا هلك المبيع عند المشتري، وكان قيميا كالحيوان، والعروض, والعقار, ضمن المشتري قيمته، وهذا عند الحنفية، وهو المذهب عند الحنابلة، نص عليه أحمد في رواية ابن منصور وأبي طالب .
وحكى القاضي في المجرد، وابن عقيل في الفصول عن أبي بكر عبد العزيز: أن المقبوض بالبيع الفاسد يضمن بالمسمى، وهو اختيار الشيخ تقي الدين, وقال: إنه قياس المذهب.

ويفصل المالكية بين البيع الفاسد المختلف في فساده وبين الفاسد المتفق على فساده؛ ففي البيع الفاسد المختلف في فساده - ولو خارج المذهب - إذا فات المبيع بيد المشتري فإنه يضمنه بالثمن الذي وقع به البيع إلا ما يستثنى من ذلك، وإن كان البيع متفقا على فساده فإن المشتري يضمن قيمته إن كان متقوما، ومثله إن كان مثليا، وهذا ما مشى عليه خليل وهو المشهور، وهي طريقة ابن شاس وابن الحاجب، وأصلها لابن يونس، وعزاها لابن القاسم في غير المدونة. والطريقة الثانية لابن رشد, وابن بشير, واللخمي, والمازري: أن اللازم مع الفوات هو القيمة مطلقا سواء أكان المبيع قيميا أم مثليا.

وقال الشافعية: إذا تلف المبيع في البيع الفاسد فإن المشتري يضمن مثله في المثلي، وأقصى قيمه إن كان متقوما، وهذا ما جاء في بعض كتب الشافعية كمغني المحتاج, وأسنى المطالب، وقال الشهاب الرملي تعليقا على قول الروض: (يضمن المبيع التالف بالمثل في المثلي)، هذا ما نص عليه الشافعي، وإن صحح الماوردي أنه يضمن بقيمته أيضا، وادعى في البحر أنه لا خلاف فيه. كذلك ذكر الزركشي: أن الرافعي أطلق وجوب القيمة دون تفصيل بين المثلي والمتقوم، وبه صرح الماوردي، لكن الزركشي قال: إنه ضعيف"

وعلى هذا؛ فالواجب عند أكثر العلماء دفع قيمة الشقة إلى الجهة التي اشتريتها منها شراء فاسدا، وإن كانوا قد اختلفوا في وقت تقدير القيمة هل هو وقت قبضها بالعقد الفاسد أم وقت فواتها أم أقصى قيمة لها بين هذين الوقتين؟ وذلك على النحو التالي:
جاء في الموسوعة الفقهية: "وفي وقت تقدير قيمة المبيع بيعا فاسدا خلاف بين الفقهاء:

فعند جمهور الحنفية والمالكية: تجب القيمة يوم القبض؛ وذلك لأن به يدخل في ضمانه, لا من يوم العقد, لأن ما يضمن يوم العقد هو العقد الصحيح.

وذهب الحنابلة، وهو وجه عند الشافعية، وقول محمد من الحنفية: أنه تعتبر قيمته يوم الإتلاف أو الهلاك, لأن بهما يتقرر الضمان كما يقول محمد. وعلله الحنابلة بأنه قبضه بإذن مالكه فأشبه العارية وهي مضمونة عندهم.

والمذهب عند الشافعية: اعتبار أقصى القيمة في المتقوم من وقت القبض إلى وقت التلف. وهذا - أيضا - وجه ذكره الحنابلة في الغصب, وهو ها هنا كذلك, كما يقول المقدسي"
فعلى القول الأول: لا يلزمك أن تدفع غير قيمة الشقة وقت استلامك لها.

أما على القول الثاني: فيلزمك دفع قيمتها وقت بيعك لها.

وأما على القول الأخير: فيلزمك دفع أقصى قيمة لها من وقت استلامك لها إلى وقت بيعها، والقيمة يقدرها أهل الاختصاص، وقد تكون أقل أو أكثر من الثمن الذي اشتريتها به، فإن كانت أكثر منه لزمك دفع الفرق بينهما.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة