السؤال
عندي تسع عشرة سنة، مارست العادة السرية، ومنذ أربع سنوات وأنا أعزم على عدم الوقوع فيها -إن شاء الله-، ثم إني أقع، وأعود أتوب، وإني أود أن ترفع عني أسباب عقوبة المعاصي، فأنا قليلا ما أصلي، وأجهد نفسي عليها، وأحيانا أتساهل فيها، وقليلا ما أقرأ القرآن، وإذا حاولت حفظه استصعب علي.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله لنا ولك التوفيق للتوبة الصادقة، والعافية من عقوبة المعصية، ونهنئك على ما تقوم به من الابتعاد عن هذه المعصية، والتوبة منها، ونؤكد عليك تأكيدا جازما أن تلتزم بالصلاة، فمن تعمد ترك الصلاة حتى خرج وقتها فإنه مستحق لسخط الله وغضبه؛ قال ابن القيم في كتاب الصلاة وأحكام تاركها: لا يختلف المسلمون أن ترك الصلاة المفروضة عمدا من أعظم الذنوب وأكبر الكبائر، وأن إثمه عند الله أعظم من إثم قتل النفس، وأخذ الأموال، ومن إثم الزنا، والسرقة، وشرب الخمر، وأنه متعرض لعقوبة الله، وسخطه، وخزيه في الدنيا والآخرة، ثم اختلفوا في قتله، وفي كيفية قتله، وفي كفره. اهـ.
واعلم أن العبد إذا أذنب ثم تاب، واجتمعت في التوبة شروطها من الندم على فعل المعصية، وعزمه على عدم الرجوع إليها، وإقلاعه عنها فورا، صحت توبته. وإن عاد إلى الذنب مرة أخرى، ثم تاب توبة صحيحة بشروطها، صحت توبته، وهكذا، كما قال تعالى: وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات {الشورى: 25}، وقال الله تعالى: قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم * وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون {الزمر: 54،53}، وفي الحديث الصحيح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها" أخرجه مسلم عن أبي موسى.
وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: إن الله -عز وجل- يقبل توبة العبد ما لم يغرغر. رواه الترمذي، وقال: حديث حسن.
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما يحكي عن ربه -عز وجل- قال: "أذنب عبد ذنبا. فقال: اللهم اغفر لي ذنبي. فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبا، فعلم أن له ربا يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب. ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب اغفر لي ذنبي. فقال تبارك وتعالى: عبدي أذنب ذنبا، فعلم أن له ربا يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب. ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب اغفر لي ذنبي. فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبا، فعلم أن له ربا يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب، اعمل ما شئت فقد غفرت لك" أي: ما دمت تتوب توبة نصوحا، مستوفية الشروط، سالمة من موانع القبول.
وعليك بالحرص على تلاوة القرآن يوميا، ولا تيأس من حفظه، واعلم أن ما ذكرته من صعوبة الحفظ قد يكون سببه معصية الله، وقد بينا في الفتوى رقم: 3913 الطريقة المثالية لحفظ القرآن الكريم، وذكرنا خطة مقترحة لحفظه وتثبيته في الفتوى رقم: 25821، والفتوى رقم: 8563، والفتوى رقم: 15633، و الفتوى رقم: 27446.
والله أعلم.