السؤال
ما حكم جهر الإمام في الصلوات الخمس عمدا، وهل هذا مكروه إذا أمن الفتنة؟ وهل يجوز الجهر في التسبيح في الركوع والسجود؟.
أرجو التفصيل وآراء الأئمة الأربعة مصحوبة بالأدلة.
وجزاكم الله خيرا.
ما حكم جهر الإمام في الصلوات الخمس عمدا، وهل هذا مكروه إذا أمن الفتنة؟ وهل يجوز الجهر في التسبيح في الركوع والسجود؟.
أرجو التفصيل وآراء الأئمة الأربعة مصحوبة بالأدلة.
وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حكم جهر الإمام بالقراءة في محل الجهر، وسره في محل السر سنة عند جمهور أهل العلم ـ من المالكية والشافعية والحنابلة ومن وافقهم ـ؛ لثبوت ذلك بنقل الخلف عن السلف، ولا ضير عندهم في أن يجهر في الصلاة السرية أحيانا بالآية ونحوها؛ لقول أبي قتادة ـ رضي الله عنه ـ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بنا فيقرأ في الظهر والعصر في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورة، ويسمعنا الآية أحيانا... الحديث رواه مسلم.
جاء في الموسوعة الفقهية: ذهب المالكية والشافعية والحنابلة إلى أنه يسن للإمام أن يجهر بالقراءة في الصلاة الجهرية كالصبح، والجمعة، والأوليين من المغرب والعشاء.
وذهب الحنفية إلى وجوب الجهر والسر في محلهما، ودليلهم مواظبة النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، وعمل الأمة من بعده؛ جاء في الموسوعة الفقهية: ويرى الحنفية أنه يجب على الإمام مراعاة الجهر فيما يجهر به ـ وهو الفجر، والمغرب والعشاء في الأوليين، وكذا كل صلاة من شرطها الجماعة، كالجمعة، والعيدين، والترويحات، ويجب عليه المخافتة فيما يخافت به؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم واظب على الجهر فيما يجهر به، والمخافتة فيما يخافت به. وذلك دليل الوجوب.
وترك الجهر في محله، أو السر في محله مكروه أو خلاف الأولى عند الجمهور ولو أمن الفتنة؛ جاء في مرعاة المفاتيح للمباركفوري: الجهر في مواضع الجهر والإسرار في مواضع الإسرار في الجهرية، والإسرار في السرية سنة عند الشافعي وأحمد، فإن فعل خلاف ذلك، أي جهر فيما يسر فيه، أو أسر فيما يجهر فيه كره ذلك، وأجزأه، وتمت صلاته، ولا سجود سهو فيه.
والإجزاء هنا يشير إلى عدم الكمال؛ كما قال بعضهم: الاجزاء في غالب الاستعمال * يأتي مجردا عن الكمال.
وقد اختلفوا فيما يترتب على الجهر في موضع الإسرار أو العكس؛ فمذهب الحنفية والحنابلة في قول أنه يجبرهما بالسجود؛ جاء في كتاب المبسوط في الفقه الحنفي لمحمد بن الحسن الشيباني: أرأيت إماما صلى بقوم فجهر بالقرآن في صلاة يخافت بها، أو خافت في صلاة يجهر فيها بالقرآن؟ قال: قد أساء وصلاته تامة، قلت: فإن فعل ذلك ساهيا؟ قال: عليه سجدتا السهو.
ومذهب الشافعية والحنابلة في القول الآخر أنه لا سجود فيهما؛ قال ابن قدامة في المغني: الجهر والإخفات ـ في موضعهما ـ من سنن الصلاة، لا تبطل الصلاة بتركه عمدا، وإن تركه سهوا فهل يشرع له السجود من أجله؟ فيه عن أحمد روايتان: إحداهما، لا يشرع، .. وهذا مذهب الأوزاعي، والشافعي، .. والثانية يشرع وهو مذهب مالك، وأبي حنيفة.
ومذهب المالكية أن الجهر في محل السر يلزم منه السجود بعد السلام، والسر في محل الجهر يلزم منه السجود قبل السلام، ولا سجود إذا كان الجهر أو السر يسيرين. جاء في التاج والإكليل للمواق عند قول خليل في المختصر (كترك جهر): من المدونة قال مالك: من سها فأسر فيما يجهر فيه سجد قبل السلام، وإن جهر فيما يسر فيه سجد بعد السلام، وإن كان شيئا خفيفا من إسرار، أو إجهار كإعلانه بالآية ونحوها في الإسرار فلا سجود عليه. وفي منح الجليل ممزوجا بمختصر خليل أيضا: ولا سجود في يسير جهر أي إسماعه من يليه فقط في محل السر، أو يسير سر أي إسماع نفسه فقط في محل الجهر.
وأما التسبيح في الركوع والسجود فالإسرار به سنة باتفاق أهل العلم؛ كما جاء في الموسوعة الفقهية فيما يسر به من أذكار الصلاة: الإسرار بالتسبيح سنة اتفاقا.
والله أعلم.