لا تعارض بين حديث: لا يستبرئ من بوله، وبين مشروعية الاستجمار

0 142

السؤال

كيف نوفق بين حديث المصطفى عليه الصلاة والسلام: (إنهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير, أما أحدهما فكان يمشي بين الناس بالنميمة, وأما الثاني فكان لا يستبرئ من بوله. ومشروعية الاستجمار ؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فإن الاستبراء من البول المذكور في الحديث معناه: عدم التحرز عن التنجس به، إما أثناء قضاء الحاجة لعدم مبالاته، وإما بعده بأن لم يكن قد نثر ما بقي في إحليله من قطرات البول، حتى خرجت منه بعد قيامه، ونجست بدنه وثيابه.

قال النووي في "شرح صحيح مسلم": وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يستتر من بوله فروي ثلاث روايات: يستتر بتائين مثناتين، ويستنزه بالزاي، والهاء، ويستبرئ بالباء الموحدة والهمزة، وهذه الثالثة في البخاري وغيره، وكلها صحيحة، ومعناها: لا يتجنبه، ويتحرز منه. اهـ.

قال ابن بطال: [لا يستتر من بوله يعني أنه كان لا يستر جسده، ولا ثيابه من مماسة البول، فلما عذب على استخفافه لغسله والتحرز منه، دل أنه من ترك البول في مخرجه، ولم يغسله أنه حقيق بالعذاب. وقد روى غير البخاري في مكان يستتر من بوله: يستبرئ من بوله، معنى لا يستبرئ: لا يستفرغ البول جهده بعد فراغه منه، فيخرج منه بعد وضوئه، فيصلي غير متطهر]. اهـ.

فإذا استبرأ المكلف من بوله، وتنزه من تنجس بدنه وثيابه به، وغلب على ظنه عدم بقاء شيء منه في إحليله، ثم استنجى منه، فقد أتى بالواجب الذي يخرجه من استحقاق العقوبة.

والاستنجاء من البول يكون بما شرعه الله جل وعلا، وقد شرع للأمة تطهير السبيلين من أثر النجاسة الخارجة منهما بأحد أمرين: الغسل بالماء الطهور، والاستجمار بالقالع. فمن اقتصر على أحدهما فله ذلك، وإن كان الجمع أفضل.

فلا يتوهم تعارض في ذلك مع الحديث والحمد لله. على أن الاستجمار له أحكام يجب مراعاتها ليصح، وقد بيناها في الفتوى رقم: 22290.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة