هل يرد الدعاء القضاء؟

0 289

السؤال

هل الدعاء المستمر في الصلاة وفي جوف الليل وفي أوقات مختلفة يمكن أن يغير قدر الله في أن يدفع شرا يمكن أن يصيب الإنسان من قبل أشخاص معينين؟ وهل التوبة عن معصية ارتكبها إنسان تدفع مثل هكذا شرا أكثر من الدعاء؟.
أفتونا يرحمكم الله.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فالدعاء قد يرد القضاء بإذن الله تعالى، ويدفع شرا عن العبد، وقد سبق لنا بيان ذلك في الفتوى رقم: 35295.

والتوبة من أعظم أسباب رفع البلاء، فما نزل بلاء إلا بذنب، وما رفع إلا بتوبة، كما قال تعالى: وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير {الشورى:30}، وقال سبحانه: وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا حسنا إلى أجل مسمى ويؤت كل ذي فضل فضله وإن تولوا فإني أخاف عليكم عذاب يوم كبير {هود:3}، وقال: لولا تستغفرون الله لعلكم ترحمون {النمل:46}، والتوبة من تقوى الله، ومن اتقى الله وقاه وتولاه، ولم يكله إلى غيره ونصره على عدوه، قال تعالى: ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا {الطلاق:3/2}،  وقال سبحانه: ...ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا {الطلاق:4}،

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وحجوا واعتمروا واستقيموا يستقم بكم. رواه الطبراني، وجوده المنذري، وحسنه الألباني.

وقال تعالى: فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين {يونس:98}،

قال ابن كثير: والغرض أنه لم توجد قرية آمنت بكمالها بنبيهم ممن سلف من القرى، إلا قوم يونس، وهم أهل نينوى، وما كان إيمانهم إلا خوفا من وصول العذاب الذي أنذرهم به رسولهم، بعد ما عاينوا أسبابه، وخرج رسولهم من بين أظهرهم، فعندها جأروا إلى الله واستغاثوا به، وتضرعوا لديه، واستكانوا وأحضروا أطفالهم ودوابهم ومواشيهم، وسألوا الله تعالى أن يرفع عنهم العذاب الذي أنذرهم به نبيهم، فعندها رحمهم الله، وكشف عنهم العذاب وأخروا، كما قال تعالى: {إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين} . واختلف المفسرون: هل كشف عنهم العذاب الأخروي مع الدنيوي؟ أو إنما كشف عنهم في الدنيا فقط؟ على قولين، أحدهما: إنما كان ذلك في الحياة الدنيا، كما هو مقيد في هذه الآية. والقول الثاني فيهما لقوله تعالى: {وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون فآمنوا فمتعناهم إلى حين} [الصافات: 147، 148] فأطلق عليهم الإيمان، والإيمان منقذ من العذاب الأخروي، وهذا هو الظاهر، والله أعلم. قال قتادة في تفسير هذه الآية: لم ينفع قرية كفرت ثم آمنت حين حضرها العذاب، فتركت، إلا قوم يونس، لما فقدوا نبيهم وظنوا أن العذاب قد دنا منهم، قذف الله في قلوبهم التوبة، ولبسوا المسوح، وفرقوا بين كل بهيمة وولدها ثم عجوا إلى الله أربعين ليلة، فلما عرف الله منهم الصدق من قلوبهم، والتوبة والندامة على ما مضى منهم كشف الله عنهم العذاب بعد أن تدلى عليهم. انتهى.

وأما كون التوبة أكثر دفعا للبلاء من الدعاء، فلا نعلم دليلا على ذلك، ولكن كل منهما سبب؛ فاستعن بالله وتب إليه، وادعوه تجد من الخير ما يسرك، وكلما أكثرت من ذلك، كلما أكثر الله لك من الخير.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة