السؤال
فتاة عمرها ستة عشر عاما، أدخلت صديقها بيت أبيها، وأعطته ما شاءت من مال والدها، واتفقت مع صديقها على قتل والدتها، وأخيها، ونفذ صديقها القتل في الأم، والأخ.
هل تقاد مع القاتل الذي هو صديقها، مع العلم أن القاتل مثل كيفية الجريمة، واعترف أنه القاتل، وهي اعترفت أنها وافقته على القتل، وتقول إنها لا تعرف كيف وافقته؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإنا لله وإنا إليه راجعون، ونسأل الله أن يغير حال المسلمين إلى أحسن الأحوال، وإذا كان القتل من أعظم الجرائم، كما بينا بالفتوى رقم: 109347، وتوابعها, فكيف بقتل القرابة كالأم، والأخ!
والرضا بالقتل هو نوع مشاركة معنوية.
قال القرطبي: قوله تعالى: (فعقروها فقال تمتعوا في داركم ثلاثة أيام) قوله تعالى: (فعقروها) إنما عقرها بعضهم، وأضيف إلى الكل؛ لأنه كان برضا الباقين. انتهى.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا عملت الخطيئة في الأرض كان من شهدها فكرهها - وقال مرة أنكرها- كمن غاب عنها، ومن غاب عنها فرضيها كان كمن شهدها. رواه أبو داود، وحسنه الألباني.
فإذا كان هذا حال من رضيها، فكيف بمن حرض.
وأما القصاص منها، فقد بينا حالاته، وأحكامها بالفتوى رقم: 62993.
وخلاصتها أنها تعزر، ولا تقتل إلا إذا كان لها مشاركة فعلية في القتل.
جاء في الروض المربع: فصل (تقتل الجماعة) أي: الاثنان فأكثر (بـ) الشخص (الواحد) إن صلح فعل كل واحد لقتله؛ لإجماع الصحابة، روى سعيد بن المسيب: أن عمر بن الخطاب قتل سبعة من أهل صنعاء قتلوا رجلا، وقال: لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم به جميعا. وإن لم يصلح فعل كل واحد للقتل فلا قصاص، ما لم يتواطؤوا عليه. انتهى.
قال ابن قاسم في حاشيته: أي على ذلك الفعل ليقتلوه به، كأن قالوا: نقتله بما لا يقتل غالبا، فإن قصدوا إسقاط القصاص، فضرب كل واحد منهم بما لا يقتل غالبا، فمات بمجموع تلك الضربات، فعليهم القصاص؛ لما تقدم من قول عمر وغيره، وجزم به البغوي وغيره، لئلا يتخذ ذريعة إلى درء القصاص، وتفويت حكمة الردع والزجر عن القتل، وإن لم يصلح فعل أحدهم، كأن يضربه بعضهم بعصا ونحوها، مما لا يقتل غالبا، وبعضهم بما يقتل، فالقصاص على الثاني دون الأول. انتهى.
وعلى هذا، فليس عليها القصاص، وإنما عليها التأديب.
قال الحجاوي في الإقناع: وإن أمره مكلفا، عالما بالتحريم، فعلى القاتل، ويؤدب الآمر؛ قال البهوتي: لأمره بالمعصية. انتهى.
والله أعلم.