السؤال
جزاكم الله خيرا على مجهودكم.
عندي سؤال بخصوص حكم تلقين الكافر الشهادة عند الاحتضار، وبحثت وكانت الإجابة: وتلقين الكافر المحتضر الشهادة يكون وجوبا إن رجي إسلامه، وإن لم يرج إسلامه فيندب ذلك.
قال الجمل: وظاهر هذا أنه يلقن إن رجي إسلامه وإن بلغ الغرغرة ولا بعد فيه لاحتمال أن يكون عقله حاضرا وإن ظهر لنا خلافه، وإن كنا لا نرتب عليه أحكام المسلمين حينئذ.
ولكن فى حكم فرعون هل أسلم أم لا؟ كانت الإجابة: لا؛ لأنه قالها في الغرغرة مع أنه كافر كالكافر الذي قالت الفتاوى بوجوب تلقينه إن رجي إسلامه، فلماذا التفريق؟ مع أن الاثنين وقت الغرغرة، وطبقا للحديث لا تقبل توبتهم، وتقبل توبة العبد ما لم يبلغ الغرغرة.
وقول فرعون عندما عاين الهلاك وأدركه الغرق: {آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين}(يونس: 90)، لا ينفعه؛ لأن الإيمان في ذلك الوقت لا ينفع، وقد تواردت نصوص الكتاب على ذلك، فمن ذلك: قول الله تعالى: {وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن}(النساء: 18).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-:
"وأما من تاب عند معاينة الموت فهذا كفرعون الذي قال: أنا الله (حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين)، قال الله: (آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين)، وهذا استفهام إنكار بين به أن هذه التوبة ليست هي التوبة المقبولة المأمور بها؛ فإن استفهام الإنكار: إما بمعنى النفي إذا قابل الإخبار، وإما بمعنى الذم والنهي إذا قابل الإنشاء، وهذا من هذا". انتهى من "مجموع الفتاوى" (18 /190).