دفع رشوة لغلبة ظنه بكونه سيظلم إن لم يدفع فهل يأثم

0 164

السؤال

في بلدي تكثر الرشوة في بعض المصالح الحكومية، وقد ذهبت مع والدي لتخليص بعض الإجراءات الخاصة بالضرائب العقارية، وقد ساعدنا اثنان من الموظفين بمراجعة وتصحيح بعض الأوراق الخاصة بقيمة الضرائب العقارية المستحقة علينا للقيمة الصحيحة، ولكن هذه الأوراق لا يجوز الاطلاع عليها كما لا يجوز تعديلها إلا بعد دفع رسوم مالية كثيرة، وهذا التعديل ليس فيه سلب حقوق للسكان المستأجرين عندنا.
وبعد الانتهاء غلب على ظني أنني يجب أن أدفع رشوة (خوفا من أن إذا لم أدفع أن يعدلوا القيم مرة أخري وممكن أن يزيدوا فيها) فلما دفعت لهما رفض الأول أخذ المال (وهو الذي أطلعنا على الملفات وعدلها) وقال إنه لا يقبل الرشوة وأمرني بالتصدق بهذا المبلغ في المسجد، وقال إنه أطلعنا علي البيانات وعدلها تسهيلا علينا، أما الأخر فأخذ المال (وقد أوصلنا فقط للشخص الأول).
و قد استبرأت لذمتي وتصدقت بمجموع ما دفعت وما حاولت أن أدفع.
الآن أنا لا زلت ندمان على هذا لدرجة أني تمنيت أن أكون قد مت قبل أن أدفع الرشوة، ولا أدري ماذا أفعل لأكفر وأتوب؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فغلبة الظن معتبرة في الأحكام الفقهية؛ قال ابن نجيم: وغالب الظن عندهم ملحق باليقين، وهو الذي يبتنى عليه الأحكام، يعرف ذلك من تصفح كلامهم في الأبواب.
وقال العلوي في مراقيه: "بغالب الظن يدور المعتبر".

وعلى ذلك؛ فحيث غلب على ظنك وقوع ظلم عليك إن لم تدفع رشوة، فلا حرج عليك حينئذ في دفعها، قال ابن الأثير: فأما ما يعطى توصلا إلى أخذ حق أو دفع ظلم فغير داخل فيه، وانظر الفتوى رقم: 19183.
وحيث قد تبين خطأ ظنك لاحقا، فنسأل الله تعالى أن يتجاوز عنك، ويعفو عن خطئك؛ قال تعالى: ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا. البقرة:286، قال الله في جوابها ـ كما في الحديث ـ: قد فعلت. رواه مسلم، وفي الحديث: إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ، والنسيان، وما استكرهوا عليه.رواه ابن ماجه وصححه الألباني.

وعلى فرض وقوعك في الإثم: فإنما تكفيك التوبة، ولا يلزمك التصدق بقيمة ما دفعت، فضلا عن أن تتصدق بقيمة ما لم تدفعه أصلا. 

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة