0 298

السؤال

أنا ذهبت لأداء العمرة 3 مرات، وتعلقت بالبيت تعلقا شديدا، وبالكعبة تعلقا شديدا وأحب النظر إليها والطواف حولها، ولكن جاءني شعور غريب جدا عندما علمت بأن الكعبة هدمت وبنيت أكثر من مرة شعرت بأن الكعبة بأنها بناء عادي يمكن لأي شخص أن يقوم بهدمها وبنائها، فماذا أفعل في هذا الشعور؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهدم الكعبة لم يقع عبثا، وإنما كان غرضه إعادة بناء البيت على قواعد إبراهيم عليه السلام، ومن قام بهدمه كانوا في غاية التوجس، خشية أن يصيبهم شيء، فليس الأمر هينا ـ عند من هدمه ـ بل كان تعبدا، وإكراما لبيت الله.

وانظر في ذلك الفتويين التالية أرقامهما: 183325، 30234.

والكعبة لا تعظم لمجرد أحجارها، ولكن لمناقب عظيمة اختصت بها، فهي أول بيت وضع للناس، وقد عظم الله شأن الصلاة عندها، وجعل موضعها حرما محرما، ودلت السنة على أن الحجر الأسود ، وهو ركن منها ـ من الجنة، روى أحمد والنسائي والترمذي واللفظ له مرفوعا: نزل الحجر الأسود من الجنة وهو أشد بياضا من اللبن فسودته خطايا بنى آدم. والحديث قال عنه الترمذي حسن، وصححه الألباني وشعيب الأرناؤوط.

وحذر من إرادة الإلحاد فيه، وغير ذلك من الخصائص.

ونذكر لك جملة مما ورد في عظمة الكعبة، مما يجعل القلب مقبلا على تعظيمها مدركا خطرها:

فقد ورد في تعظيمها آيات من القرآن، بينا بعضها بالفتوى رقم: 136102.

ومنها: قوله تعالى: إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين  [آل عمران: 96، 97]، وانظر في تفسيرها الفتويين التالية أرقامهما: 58830، 143253.

وهي من شعائر الله، وقد أمر الله بتعظيم شعائره، قال الله تعالى: ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه {الحج:30}، وقال تعالى: ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب {الحج:32}، وقال صلى الله عليه وسلم: إن هذه الأمة لا تزال بخير ما عظموا هذه الحرمة ـ يعني الكعبة ـ حق تعظيمها، فإذا ضيعوا ذلك هلكوا. رواه أحمد وابن ماجه وغيرهما.
وقد أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف باب: في حرمة البيت وتعظيمه، وذكر آثارا عن السلف في تعظيم البيت نذكرها للفائدة:

عن طلق بن حبيب، قال: قال عمر: يا أهل مكة، اتقوا الله في حرم الله، أتدرون من كان ساكن هذا البيت؟ كان به بنو فلان، فأحلوا حرمه فأهلكوا، وكان به بنو فلان، فأحلوا حرمه فأهلكوا، حتى ذكر ما شاء الله من قبائل العرب أن يذكر ثم قال: لأن أعمل عشر خطايا حوليه أحب إلي من أن أعمل ههنا خطيئة واحدة

وعن عبد الله (ابن مسعود) قال: "من هم بسيئة لم تكتب عليه حتى يعملها، وإن هم وهو بعدن أبين أن يقتل عند المسجد الحرام، أذاقه الله من عذاب أليم، ثم قرأ: {ومن يرد فيه بإلحاد} [الحج: 25] بظلم"

عن عبد الله بن عمرو قال: إن الحرم محرم في السماوات السبع مقداره من الأرض، وإن البيت المقدس في السموات السبع مقداره من الأرض.

والكعبة جزء من الحرم، بل هي أجل مواضعه، فليكن في قلبك عظمتها، وإنما يكون ذلك بتذكر هذه الفضائل، والمزايا، قال النووي في المجموع: يستحب إذا وصل الحرم أن يستحضر في قلبه ما أمكنه من الخشوع والخضوع بظاهره وباطنه، ويتذكر جلالة الحرم ومزيته على غيره. انتهى.

واطرد عنك الوساوس التي طرأت عليك من كونها بناء عاديا، واعلم أن هذه الوساوس لا تضرك إن شاء الله، وانظر الفتوى رقم: 128517.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة