السؤال
يا شيخ، الله سبحانه وتعالى قال في كتابه العزيز: فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره.
هل كان العرب يعرفون الذرة قديما أم أن المقصود بالذرة تعبير يختلف عن التعبير الفيزيائي للكلمة؟ علما أن التعبير الفيزيائي أن الذرة أصغر جزء في المادة، كما استنتجها واكتشفها أينشتاين.
أفيدونا -جزاكم الله كل خير-.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالقرآن الكريم قد نزل بلسان العرب، ومعنى الذرة في كلام العرب هو: النملة الصغيرة أو الهباء الصغير.
جاء في التفسير الوسيط: "الذرة: هي النملة الصغيرة، أو الهباء الصغير، الذي يرى في ضوء الشمس إذا دخلت من نافذة. والمراد: أدنى ما يكون من الأعمال".
قال ابن حجر في الفتح: والذرة: النملة الصغيرة, ويقال: واحدة الهباء, والذرة يقال: زنتها ربع ورقة نخالة, وورقة النخالة وزن ربع خردلة, وزنة الخردلة ربع سمسمة, ويقال الذرة: لا وزن لها, وإن شخصا ترك رغيفا حتى علاه الذر فوزنه فلم يزد شيئا. حكاه الثعلبي"
وقال أيضا: "ومعنى الذرة, قيل هي: أقل الأشياء الموزونة, وقيل: هي الهباء الذي يظهر في شعاع الشمس مثل رؤوس الإبر, وقيل: هي النملة الصغيرة, ويروى عن ابن عباس أنه قال: إذا وضعت كفك في التراب, ثم نفضتها فالساقط هو الذر"
وقال ابن عثيمين -رحمه الله-: "والمراد بالذرة: صغار النمل كما هو معروف، وليس المراد بالذرة: الذرة المتعارف عليها اليوم كما ادعاه بعضهم، لأن هذه الذرة المتعارف عليها اليوم ليست معروفة في ذلك الوقت، والله -عز وجل- لا يخاطب الناس إلا بما يفهمون، وإنما ذكر الذرة لأنها مضرب المثل في القلة، كما قال الله تعالى: {إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها} [النساء: 40]. ومن المعلوم: أن من عمل ولو أدنى من الذرة فإنه سوف يجده، لكن لما كانت الذرة مضرب المثل في القلة قال الله تعالى: {فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره}."
وعلى أي حال؛ فإذا كانت الذرة تطلق في أوساط الفيزيائيين بمعنى آخر، فلا حرج في هذا؛ لأنه لا مشاحة في الاصطلاح، لكن القرآن لا يفسر بالمصطلحات الحادثة التي تخالف ما دلت عليه اللغة وقت نزول الوحي. ولمزيد الفائدة عن التفسير العلمي للقرآن راجع الفتويين التاليتين: 43698، 28373.
والله أعلم.