السؤال
كنت قد سألتكم السؤال رقم: 2534915 وفهمت منكم أن ابن تيمية يقول إن كل ما سوى الله مخلوق، مسبوق بالعدم حتى وإن خلق من شيء.
ولكن سؤالي الذي أريد جوابا صريحا عليه: هل ابن تيمية يقول إن خلق شيء لا من شيء، لا يدخل تحت القدرة، والإمكان، خصوصا أنه قال في النبوات أيضا الآتي: (لما ظن طائفة أنها لم تخلق من مادة، ظنوا أنها قديمة، أزلية. وأيضا فالدليل الذي احتج به كثير من الناس على أن كل حادث لا يحدث إلا من شيء، أو في شيء؛ فإن كان عرضا لا يحدث إلا في محل، وإن كان عينا قائمة بنفسها، لم تحدث إلا من مادة، فإن الحادث إنما يحدث إذا كان حدوثه ممكنا، وكان يقبل الوجود والعدم، فهو مسبوق بإمكان الحدوث، وجوازه، فلا بد له من محل يقوم به هذا الإمكان والجواز.
وقد تنازعوا في هذا: هل الإمكان صفة خارجية، لا بد لها من محل، أو هي حكم عقلي لا يفتقر إلى غير الذهن؟
الإمكان نوعان.
والتحقيق: أنه نوعان: فالإمكان الذهني: وهو تجويز الشيء، أو عدم العلم بامتناعه، محله الذهن.
والإمكان الخارجي المتعلق بالفاعل، أو المحل؛ مثل أن تقول: يمكن القادر أن يفعل. والمحل؛ مثل أن تقول: هذه الأرض يمكن أن تزرع، وهذه المرأة يمكن أن تحبل. وهذا لا بد له من محل خارجي، فإذا قيل عن الرب: يمكن أن يخلق؛ فمعناه أنه يقدر على ذلك، ويتمكن منه. وهذه صفة قائمة به.
وإذا قيل: يمكن أن يحدث حادث؛ فإن قيل يمكن حدوثه بدون سبب حادث، فهو ممتنع، وإذا كان الحدوث لا بد له من سبب حادث؛ فذاك السبب إن كان قائما بذات الرب، فذاته قديمة أزلية، واختصاص ذلك الوقت بقيام مشيئة، أو تمام تمكن، ونحو ذلك، لا يكون إلا لسبب قد أحدثه قبل هذا في غيره، فلا يحدث حادث مباين إلا مسبوقا بحادث مباين له.
فالحدوث مسبوقا بإمكانه، ولا بد لإمكانه من محل، ولهذا لم يذكر الله قط أنه أحدث شيئا إلا من شيء. والذي يقول إن جنس الحوادث حدثت لا من شيء، هو كقولهم: إنها حدثت بلا سبب حادث، مع قولهم إنها كانت ممتنعة، ثم صارت ممكنة، من غير تجدد سبب، بل حقيقة قولهم أن الرب صار قادرا بعد أن لم يكن، من غير تجدد شيء يوجب ذلك) انتهي كلامه.
فهل إذا خلق الله شيئا لا بد أن يكون من شيء؟ وهل بن تيمية يقول بهذا؟ وإن كان يقول بهذا فهل توافقونه القول؟ وهل قال أحد من الأئمة بمثل قوله، مع كامل إجلالي لشيخ الإسلام ابن تيمية؟
أعتذر عن الإطالة، والإكثار.