السؤال
هل توجد رخصة في غسل الجنابة في أوقات البرد والصقيع؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من وجب عليه الغسل لجنابة أو غيرها وجب عليه أن يغتسل بالماء؛ لقوله تعالى: وإن كنتم جنبا فاطهروا {المائدة:6}.
ومجرد كون الوقت وقت برد وصقيع ليس سببا مسقطا لاستعمال الماء. والعلماء رحمهم الله يمثلون باستعمال الماء البارد في الشتاء للغسل أو الوضوء بالمشقة الخفيفة التي لا اعتبار لها، يقول الشيخ محمد العاقب بن مايابى الشنقيطي في نظمه لنوازل سيدي عبد الله بن الحاج إبراهيم الشنقيطي:
"وألغيت خفيفة كبرد * ماء الطهارة أوان البرد"
وقد بشر النبي صلى الله عليه وسلم من يسبغ الوضوء على المكاره برفع الدرجات وحط الخطايا، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات؟ قالوا بلى يا رسول الله قال: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط، وفي مرقاة المفاتيح: (على المكاره) : جمع مكره بفتح الميم من الكره بمعنى المشقة والألم قيل: منها إعواز الماء والحاجة إلى طلبه أو ابتياعه بالثمن الغالي، كذا ذكره الطيبي رحمه الله تعالى. وقيل: المراد حال ما يكره استعمال الماء كالتوضؤ بالماء البارد في الشتاء أو ألم الجسم. اهـ
فإن كان الشخص يتضرر باستعمال الماء لبرودته وأمكنه تسخينه وجب تسخينه والاغتسال به، فإن عجز عن تسخينه، وخشي الضرر باستعماله جاز له التيمم حينئذ؛ قال ابن عاشر المالكي في المرشد المعين مبينا الحالات التي يرخص فيها بالتيمم عوضا عن الماء "فصل لخوف ضر أو عدم ما * عوض من الطهارة تيمما" وجاء في الكافي في فقه أهل المدينة لابن عبد البر " والجنب الصحيح إذا خاف من شدة البرد التلف تيمم، وكذلك المريض إذا خاف الزيادة في مرضه أو تأخر برئه.."
والله أعلم.