السؤال
هل يوجد في فقه أهل السنة والجماعة ما يسمى بحد القرب والبعد؟ كأن أبذل أقصى ما بوسعي قبل العمل بالرخصة مثل التيمم، فأذهب إلى أقرب ثم أبعد مكان يمكن أن يكون فيه مياه قبل أن أتيمم، وهكذا في غيرها من الأمور؟ أم أن هذا من منهج الشيعة؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد :
ففقهاء أهل السنة والجماعة يذكرون حدا للقرب والبعد في أبواب كثيرة من أبواب الفقه ، فيذكرونه مثلا في باب التيمم من كتاب الطهارة، فيقولون إذا كان الماء قريبا يمكن تحصيله لم يجز التيمم، وإن كان بعيدا جاز، ويذكرون حدا للبعد والقرب – على خلاف بينهم في تحديده – فيقول بعضهم: الحد الفاصل بين البعد والقرب لحوق الحرج ، وحددهم بعضهم بمسافة مقدرة بالأميال، كما قال برهان الدين الحنفي في كتابه المحيط البرهاني في الفقه النعماني قال : يذكر في الكتاب حد القرب والبعد. وروي عن محمد رحمه الله أنه إذا كان بينه وبين الماء دون ميل لا يجزئه اليتيم ويكون قريبا وإن كان ميلا أو أكثر أجزأه التيمم لكونه بعيدا، والميل ثلث فرسخ ... اهـــ
ويذكرون حدا للبعد والقرب أيضا في أبواب الصلاة، فيحددون القرب والبعد الذي يتعلق به وجوب السعي إلى الجمعة فيمن هو خارج المصر أو القرية، وفيمن ترك ركنا من الصلاة حتى سلم أو ترك سجود السهو، فيأتي به إن قرب، ويعيد الصلاة إن بعد، ويحددون حدا للبعد والقرب فيقول بعضهم المرجع فيه إلى العرف والعادة. وقال بعضهم القرب: ما لم يقم من مجلسه، والبعد هو: إذا قام من مجلسه ، وقال آخرون ما لم يلتفت من محرابه ، وقيل ما لم يتكلم أو يخرج من المسجد .
ويذكرون حدا للبعد والقرب أيضا في أبواب الجهاد في قسمة الغنيمة أن السرية القريبة تشارك في القسم، والبعيدة لا تشارك، ويقولون حد القرب أن يبلغهم الغوث والمدد منهم إن احتاجوا، والبعيد بخلاف ذلك، وقيل حد القرب اجتماعهم في دار الحرب .
فهذه بعض الأمثلة على ذكر فقهاء المسلمين حدا للقرب والبعد في المسائل الفقهية التي تتعلق بهما .
والله تعالى أعلم.