مقدار المسافة بين المساجد عند بنائها

0 603

السؤال

ما الضابط في المسافة التي تكون بين المسجدين في حالة البناء؟ فهم في بلدنا يبنون المساجد، وهي في نظري قريبة من بعضها -بارك الله فيكم-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فالضابط في المسافة بين المساجد عند بنائها هو الحاجة إليها، ولم يرد في الشرع -فيما نعلم- تحديد مسافة معينة، ولم نجد كذلك في كلام أهل العلم تحديدا لتلك المسافة، وإنما ذكروا أن المعتبر في ذلك الحاجة.

قال الإمام القرطبي في تفسيره: قال علماؤنا: لا يجوز أن يبنى مسجد إلى جنب مسجد، ويجب هدمه، والمنع من بنائه؛ لئلا ينصرف أهل المسجد الأول فيبقى شاغرا، إلا أن تكون المحلة كبيرة، فلا يكفي أهلها مسجد واحد، فيبنى حينئذ، وكذلك قالوا: لا ينبغي أن يبنى في المصر الواحد جامعان، وثلاثة، ويجب منع الثاني، ومن صلى فيه الجمعة لم تجزه، وقد أحرق النبي صلى الله عليه وسلم مسجد الضرار وهدمه، وأسند الطبري عن شقيق أنه جاء ليصلي في مسجد بني غاضرة، فوجد الصلاة قد فاتته، فقيل له: إن مسجد بني فلان لم يصل فيه بعد، فقال: لا أحب أن أصلي فيه؛ لأنه بني على ضرار. قال علماؤنا: وكل مسجد بني على ضرار، أو رياء وسمعة فهو في حكم مسجد الضرار لا تجوز الصلاة فيه ... اهــ.

وقال ابن مفلح الحنبلي في الفروع: ولا يبنى مسجد ضرارا، وقال محمد بن موسى: يبني مسجدا إلى جنب مسجد؟ قال: لا يبني المساجد ليعدي بعضها بعضا، وقال صالح: قلت لأبي: كم يستحب أن يكون بين المسجدين إذا أرادوا أن يبنوا إلى جانبه مسجدا؟ قال: لا يبنى مسجد يراد به الضرار لمسجد إلى جنبه، فإن كثر الناس حتى يضيق عليهم، فلا بأس أن يبنى وإن قرب من ذلك. اهــ.

ومثله ما جاء في مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: يجوز بناء مسجد آخر إذا كثر الناس، وإن كان قريبا، مع منعه لبناء مسجد ضرارا. قال أحمد في رواية صالح: لا يبنى مسجد يراد به الضرار لمسجد إلى جانبه، فإن كثر الناس، فلا بأس أن يبنى وإن قرب. اهــ.

وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: ما حكم الصلاة في المسجدين المتقاربين، بحيث يسمع أحدهما قراءة الآخر؟

فأجاب -رحمه الله تعالى- بقوله: الصلاة في أحد المسجدين جائزة، ولا بأس بها، ولكن لا ينبغي أن يبنى مسجد بقرب مسجد آخر يحصل به تفريق جماعة، وتشتيت؛ فإن هذا يشبه مسجد الضرار الذي قال الله عنه: (والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل) نعم لو كانت المساجد صغيرة، والسكان كثيرون، لا يسعهم المسجد الواحد، فلا بأس أن يبنى إلى جنبه مسجد آخر، ولكن ينبغي أن يكون أحد المسجدين في طرف الحي من الجنوب مثلا، والثاني في طرفه من الشمال، من أجل أن يتباعد ما بين المسجدين. اهــ.

وقال أيضا: لا يجوز للإنسان أن يبني مسجدا في بيت قريب من المسجد العام؛ لأن في هذا إضرارا بالمسجد العام، سواء أراده الإنسان أم لم يرده، يعني: كثير من الناس لا يريد الإضرار بالمسجد العام، لكن يريد الراحة له ولأهله، ولكن هذا حرام؛ ولهذا قال أهل العلم رحمهم الله: يحرم بناء مسجد بقربه، وإذا بناه، وجب هدمه. اهــ.

والله أعلم. 

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة