السؤال
بارك الله فيكم.
قرأت في مواقع أخرى للفتوى، أنه ثبت رفع اليدين في الصلاة في أربعة مواضع عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، والرفع منه، وبعد القيام من الركعة الثانية.
ورجعت إلى صفة الصلاة للألباني -رحمه الله- فقرأت أنه كان يرفع عند هويه للسجود، وكذلك إذا رفع من السجود، وكذلك إذا سجد السجدة الثانية، وإذا قام منها، وهذا يكون أحيانا كما ورد.
فأيهما أصح؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالمواضع التي يشرع فيها رفع اليدين أثناء الصلاة، قد جاءت مفصلة، ومحققة في فتوى للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله تعالى- وسنورد إن شاء الله نص كلامه؛ لما فيه من الفائدة, والوضوح.
سئل فضيلة الشيخ: هل ثبت رفع اليدين في الصلاة في غير المواضع الأربعة؟ وما الجواب عما روي أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يرفع يديه في كل خفض ورفع؟
فأجاب فضيلته بقوله: قال السائل رفع اليدين في غير المواضع الأربعة، وهذا يحتاج إلى بيان، فالمواضع الأربعة: عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع من الركوع، وعند القيام من التشهد الأول. فهذه المواضع صح بها الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم "كان يرفع يديه إذا كبر للصلاة، وإذا كبر للركوع، وإذا قال سمع الله لمن حمده، وإذا قام من التشهد الأول، قال: وكان لا يفعل ذلك في السجود". فهذه المواضع صح بها الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما ما عداها، فلم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يرفع يديه لا إذا سجد، ولا إذا قام من السجود، وعلى هذا فلا يسن للإنسان أن يرفع يديه إذا سجد، ولا إذا قام من السجود. وأما ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم "أنه يرفع يديه في كل خفض ورفع" فقد حقق ابن القيم -رحمه الله- في زاد المعاد أن ذلك وهم من الراوي، أراد أن يقول: "كان يكبر في كل خفض ورفع" فقال: "كان يرفع يديه في كل خفض ورفع". ...
وإذا كان ابن عمر -رضي الله عنهما- وهو الحريص على تتبع فعل الرسول عليه الصلاة والسلام، وقد تتبعه فعلا فرآه يرفع يديه في التكبير، والركوع، والرفع منه، والقيام من التشهد الأول. وقال: "لا يفعل ذلك في السجود". فهذا أصح من حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم "كان يرفع يديه كلما خفض وكلما رفع" ولا يقال: إن هذا من باب المثبت، والنافي، وأن من أثبت الرفع، فهو مقدم على النافي في حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- لأن حديث ابن عمر صريح في أن نفيه ليس لعدم علمه بالرفع، بل لعلمه بعدم الرفع، فقد تأكد ابن عمر من عدم الرفع، وجزم بأنه لم يفعله في السجود، مع أنه جزم بأنه فعله في الركوع، والرفع منه، وعند تكبيرة الإحرام، والقيام من التشهد الأول. فليست هذه المسألة من باب المثبت، والنافي التي يقدم فيها المثبت، لاحتمال أن النافي كان جاهلا بالأمر؛ لأن النافي هنا كان نفيه عن علم، وتتبع، وتقسيم، فكان نفيه نفي علم لا احتمال للجهل فيه، فتأمل هذا فإنه مهم مفيد، والله أعلم. انتهى.
والله أعلم.