السؤال
ماذا على المتحدث بصوت عال في المسجد أثناء الصلاة، والتسبب في إيذاء المصلين فيه؟ وكيف يتم نهره بحيث لا أخالف الأدب، حيث تم نصحه بالحسنى ولم يستجب؟
ماذا على المتحدث بصوت عال في المسجد أثناء الصلاة، والتسبب في إيذاء المصلين فيه؟ وكيف يتم نهره بحيث لا أخالف الأدب، حيث تم نصحه بالحسنى ولم يستجب؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فرفع الصوت في المسجد، والتشويش على المصلين، منهي عنه شرعا، كما في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ليلني منكم أولو الأحلام، والنهى، ثم الذين يلونهم ـ ثلاثا ـ وإياكم وهيشات الأسواق. رواه مسلم.
قال النووي: هيشات الأسواق: هي بفتح الهاء، وإسكان الياء، وبالشين المعجمة، أي: اختلاطها، والمنازعة، والخصومات، وارتفاع الأصوات، واللغط، والفتن التي فيها. اهـ. وقال صلى الله عليه وسلم: لا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن. رواه مالك في الموطأ.
قال أبو الوليد الباجي في المنتقى: وإذا كان رفع الصوت بقراءة القرآن ممنوعا حينئذ؛ لإذاية المصلين، فبأن يمنع رفع الصوت بالحديث، وغيره، أولى وأحرى.. ولأن في ذلك استخفافا بالمساجد، واطراحا لتوقيرها، وتنزيهها الواجب، وإفرادها لما بنيت له من ذكر الله تعالى، قال الله العظيم: ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا. اهــ.
ومن رفع صوته، وشوش على المصلين، فإنه ينبغي نصحه برفق، ولين، والأفضل سرا من غير إحراج له أمام سائر الناس، حتى لا يستكبر عن قبول النصيحة، فإن أبى وأصر، فقد ذكر أهل العلم أن للناس إخراجه من المسجد، كما قال القرطبي عن إخراج من له رائحة من المسجد، قال: قال العلماء: وإذا كانت العلة في إخراجه من المسجد أنه يتأذى به، ففي القياس أن كل من تأذى به جيرانه في المسجد بأن يكون ذرب اللسان، سفيها عليهم ... وكل ما يتأذى به الناس كان لهم إخراجه، ما كانت العلة موجودة فيه حتى تزول ..
قال أبو عمر بن عبد البر: وقد شاهدت شيخنا أبا عمر أحمد بن عبد الملك بن هشام -رحمه الله- أفتى في رجل شكاه جيرانه، واتفقوا عليه أنه يؤذيهم في المسجد بلسانه، ويده، فشوور فيه، فأفتى بإخراجه من المسجد، وإبعاده عنه، وألا يشهد معهم الصلاة. اهـ.
والذي نوصي به هو أن من كان حاله كذلك، فإنه ينبغي رفع أمره إلى الجهات المختصة؛ حتى يزجروه عن ذلك، ولا نرى أن يتولى المصلون بأنفسهم إخراجه من المسجد؛ لأن الغالب ترتب مفسدة على هذا.
والله أعلم.