السؤال
أعاني من وسواس قهري حاد منذ 5 سنين تقريبا وقد وصلت إلى مرحلة أنني لا أستطيع أن أفعل شيئا، وقد بدأت أنعزل عن العالم ولا أفكر بشيء سوى الوسوسة: نظفت البيت بالكمل بسبب وجود نجاسة وشككت في انتقالها، وبعد ذلك بيوم ذهبت إلى الحمام في الصباح وتبولت وعدت إلى الفراش، وكان على ملابسي بعض قطرات من البول التي قد لامست الفراش عندما رجعت إلى الفراش، وبعدها استيقظت مسرعا وذهبت لكي أستحم للتطهر من هذا النجس، وعندما خلعت السروال أمسكت باليد اليسرى العضو لكي لا يقع شيء من البول على الأرض وبعدها بدأ الوساوس بانتقال النجاسة إلى كل مكان لمسته بعد أن أمسكت العضو، وقد غسلت المكان الذي شككت فيه عدت مرات، وعندما تبولت ووضعت نفسي في السرير لمس جسمي الشيء الذي كنت أشك في انتقال البول إليه, فماذا أفعل؟ وهل أعيد الاستحمام وأضع ملابسي في الغسيل؟ وهل يجب علي غسل كل شيء لامسته بعد أن خرجت من الحمام بسبب عدم غسلي لمكان ما؟ وما هي صحة القول الذي يقول إن الطهارة الرطبة إذا لاقت نجسا جافا لا تتنجس؟ وما هي النجساسات التي يعفى عنها؟ وهل يعفى عن البول إذا كانت الكمية قليلة؟ وهل يعفى عنه إذا جف؟.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بلغ منك الوسواس مبلغا عظيما، وعلاجك الذي لا علاج لك غيره هو أن تعرض عن هذه الوساوس كلها، وألا تعيرها أي اهتمام، ولا داعي لكل ما ذكرته من الوساوس والهموم، ولم يكن يجب عليك الغسل أصلا، وإنما كان يجب عليك تطهير الموضع الذي تتيقن يقينا جازما تستطيع أن تحلف عليه أنه قد تنجس، وكل موضع تشك في تنجسه أو انتقال النجاسة إليه، فالأصل طهارته، فاعمل بهذا الأصل، ولا تلتفت إلى غيره مهما وسوس لك الشيطان، ويسعك الأخذ بقول من يرى أن قليل النجاسة مطلقا يعفى عنه، وهو قول شيخ الإسلام ابن تيمية، ويسعك كذلك الأخذ بقول من يرى أن النجاسة لا تنتقل من جسم متنجس إذا لاقاه آخر وأحدهما رطب، كما ذكرناه في الفتوى رقم: 154941.
فإن للموسوس أن يترخص بأيسر الأقوال، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 181305.
والخلاصة أن عليك أن تعرض عن هذه الوساوس كلها، وأن تحكم بطهارة كل ما تشك في تنجسه، ولا تحكم بنجاسة شيء إلا إذا حصل لك اليقين الجازم الذي تستطيع أن تحلف عليه أنه قد تنجس، وبدون هذا ستظل في هذه المعاناة وهذا الكرب منتقلا من وسواس إلى آخر وهلم جرا، نسأل الله لك العافية.
والله أعلم.