السؤال
يا شيخنا جزاكم الله خيرا، نسأل الله لي ولكم الثبات على الحق، وأن يتقبل منا صالح الأعمال.
أنا طالب من السودان أدرس في تركيا، لا يخفى عليكم حال هذه البلاد من انتشار للفواحش والمنكرات, حتى إن الشخص ليشعر بالغربة إذا قال بحرمة شيء، وهو معلوم لدى العلماء بأنه فاحشة ناهيكم عن إذا ما قال بحرمة شيء من صغار الذنوب (ولا أقصد استصغار ذنب من الذنوب).
سؤالي يتعلق في كيفية معاملتي للمعلمات والطالبات، علما بأن بعض الدروس يجلس المعلم والطلاب على طاولة واحدة أثناء شرح الدرس، ونكون على شكل مجموعات، دائما ما أتجنب الجلوس إلى جانب الفتيات، لكن الواقع أبعد من أن أتمكن من الابتعاد عن الاختلاط على الشكل المذكور، وباقي الدروس يكون الاختلاط موجودا لكني أتمكن من الجلوس على مقعد بعيدا عن الفتيات لكن يبقى الاختلاط موجودا في النهاية.
السؤال هو: كيف أتعامل مع هذا الوضع؟ وأيضا هل بقائي في هذا البلد حرام، مع العلم أن عندي بعض الظروف وهي مادية في المقام الأول (بحيث إني سأواجه صعوبة في إكمال الدراسة في بلدي بسبب دخل والدي المحدود، وأنه يعول عددا ليس بالقليل من الأبناء, فكان هدفي تقليل الضغط على والدي).
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل عدم جواز اختلاط الرجال الأجانب بالنساء، نظرا لما يترتب على ذلك من مفاسد، وقد ذكرنا أن الأصل أنه لا تجوز الدراسة في هذه الأماكن إلا إذا تعينت سبيلا لتحصيل العلم، ولا يوجد غيرها؛ فحينئذ تجوز الدراسة فيها بشروط منها: غض البصر، وترك الخلوة، وراجع الفتوى رقم: 27245.
وإنما أجزنا هذا لشدة الحاجة للدراسة في هذا الزمن، ومن المتقرر لدى أهل العلم أن ما حرم تحريم وسائل، أبيح للحاجة.
قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ: القاعدة المعروفة عند أهل العلم أن ما حرم تحريم الوسائل، أباحته الحاجة، وما حرم تحريما ذاتيا، تحريم المقاصد، فإنه لا يبيحه إلا الضرورة. انتهى.
وقد سأله سائل فقال: جميع المدارس بمحافظتي وهي محافظة إدلب، مدارسها مختلطة شباب، وفتيات، وهن سفور فوق العادة، وخاصة في مدرستي، ولا يمكن، بل ولا يستطيع المرء إلا أن يتحدث معهن من خلال الدروس. والمطلوب: ما حكم الشرع في ذلك. أفيدونا جزاكم الله ألف خير؟
فأجاب ـ رحمه الله تعالى ـ بقوله: الذي يجب عليك أيها الأخ أن تطلب مدرسة ليس فيها هذا الاختلاط الذي وصفت حال أهله؛ لأن ذلك فتنة عظيمة، ولا يجوز للإنسان أن يعرض نفسه للفتن... نقول أيها الأخ: يجب عليك أن تتطلب مدرسة ليس هذا وضعها، فإن لم تجد مدرسة إلا بهذا الوضع، وأنت محتاج إلى الدراسة، فإنك تدرس، وتحرص بقدر ما تستطيع على البعد عن الفاحشة، والفتنة بحيث تغض بصرك، وتحفظ لسانك، ولا تتكلم مع النساء، ولا تمر إليهن. انتهى. مختصرا من فتاوى نور على الدرب.
وعليه فإن كان بإمكانك التحول من هذه الجامعة أو المدرسة إلى غيرها لا يوجد فيها هذا الاختلاط، فذلك أسلم لك وأحوط لدينك، وإن لم تجد غيرها، وكنت محتاجا للدراسة فيها فحاول أن لا تحضر من الدروس إلا ما لا بد منه، وتجتنب النظر والكلام مع النساء، والجلوس بقربهن، واحرص على أن تختار رفقة صالحة طيبة تعينك على غض البصر وحفظ الفرج .
ولمزيد الفائدة راجع الفتاوى التالية أرقامها: 53912، 28873، 18768.
وفي حكم البقاء والعيش في تركيا انظر الفتوى رقم: 219907.
والله أعلم.