السؤال
نحن نعيش في قرية تتكون من تبتين متقابلتين لا يفصل بينها سوى بعض المدرجات الزراعية وسائلة، فتم بناء مسجد في التبة المقابلة وبعدها تم بناء مسجد في تبتنا، والذين يصلون في الجامع الواحد لا يتجاوزون أصابع اليد، ونسمع أذان الجامعين، ولكن يوجد في السايلة أشجار وتين شوكي، والمشي فيه يخيف في الظلام، فهل الجامع الأخير ضرار؟ وهل يعتبر من التفريق بين جامعة المسلمين؟ وسكان تبنا ينمتون لأسرة واحدة، وهم كذلك أسرة واحدة.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أنه لا يجوز بناء مسجد بالقرب من مسجد آخر إذا لم تدع الحاجة لذلك، وإذا بني مسجد بقرب مسجد فأفضى ذلك إلى تفريق المسلمين، فهو مسجد ضرار يجب هدمه، كما نص على ذلك أهل العلم، وانظر الفتوى رقم: 160749.
وأما إذا وجدت الحاجة ككثرة الناس جاز بناء المسجد ولو بالقرب من مسجد آخر، ومثل كثرة الناس فيما يظهر كون الطريق إلى المسجد مخوفا ونحو ذلك، قال ابن مفلح رحمه الله: ولا يبنى مسجد ضرارا، وقال محمد بن موسى: يبني مسجدا إلى جنب مسجد؟ قال: لا يبني المساجد ليعدي بعضها بعضا، وقال صالح: قلت لأبي: كم يستحب أن يكون بين المسجدين إذا أرادوا أن يبنوا إلى جانبه مسجدا؟ قال: لا يبنى مسجد يراد به الضرار لمسجد إلى جنبه، فإن كثر الناس حتى يضيق عليهم، فلا بأس أن يبنى وإن قرب من ذلك، فاتفقت الرواية أنه لا يبنى لقصد الضرار، وإن لم يقصد ولا حاجة، فروايتان، رواية محمد بن موسى: لا يبنى، واختاره شيخنا وأنه يجب هدمها، وقاله فيما بنى جوار جامع بني أمية، وظاهر رواية صالح: يبنى. انتهى.
فعلم منه أنه إذا وجدت الحاجة لم يجب هدم المسجد الثاني، وأما مع عدمها فالواجب هدمه، كما اختاره شيخ الإسلام وصححه في تصحيح الفروع، وبما مر يتبين لك حكم هذا المسجد الثاني وأنه ما دامت الحاجة داعية لاتخاذه، فلا حرج عليكم في إبقائه.
والله أعلم.