حكم وظيفة المسلم في قسم أو إدارة يرأسها غير مسلم

0 257

السؤال

هل يأثم الموظف المسلم إذا طلب نقله من قسم يرأسه رئيس مسلم إلى قسم آخر ـ يرى أنه هو الأنسب له ـ يرأسه رئيس غير مسلم، لأنه يكون بذلك قد دخل تحت ولاية الكافر بكامل إرادته؟.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فرئاسة قسم ونحوه من الوظائف الحكومية، ليست من الولايات العامة التي يحرم توليتها لغير المسلمين، ما لم يكن في ذلك استطالة على مسلم واستذلال له، أو تفويض إلى اجتهاد الموظف نفسه دون الرجوع إلى جهة أعلى يكون لها الأمر حقيقة، ولذلك فرق بعض أهل العلم بين وظائف التفويض، فيشترط فيها الإسلام، وبين وظائف التنفيذ، فلا يشترط فيها ذلك، قال الماوردي في الأحكام السلطانية: من يصح أن يتقلد العمالة، وهو من استقل بكفايته ووثق بأمانته، فإن كانت عمالة تفويض إلى اجتهاد، روعي فيها الحرية والإسلام، وإن كانت عمالة تنفيذ لا اجتهاد للعامل فيها، لم يفتقر إلى الحرية والإسلام. اهـ.

وقد تناول الأستاذ الدكتور عبد الله الطريقي في أطروحته للدكتوراة ـ والتي طبعت بإذن الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والافتاء والدعوة والإرشاد ـ موضوع: الاستعانة بغير المسلمين في الفقه الإسلامي، فكان من جملة مباحثه: مسألة استعمال الكفار في الوظائف ص: 287، ومسألة: استعمال الذميين في الولايات والوظائف، وقد أطال النفس في هذا المبحث ـ من ص: 365، إلى ص: 387ـ وقال في أوله: لعل هذه المسألة من أهم المسائل التي نبحثها في هذا الكتاب وقد كانت من أهم القضايا التي نوقشت من قبل الفقهاء ـ عليهم رحمة الله ـ وأهمتهم كثيرا، ولا سيما بعد أن كثر أهل الذمة في دار الإسلام وانتشروا. اهـ.

وأورد فيها خمسة أقوال لأهل العلم، وذكر أدلتهم وناقشها ورجح بينها، وقال في آخرها ص: 381ـ الأصل عدم جواز تولية الذمين، ويتأكد النهي في الوظائف الدينية والوظائف الدنيوية العامة، أما الوظائف العادية التي ليس فيها استطالة على المسلمين، فيجوز إسنادها إلى الذمي عند الحاجة. اهـ.

وقال في خاتمة بحثه: يجوز للدولة المسلمة أن تستعين بأفراد الكفار في الأمور الدنيوية بحسب الحاجة.. ص: 466، وقال: تجوز تولية أهل الذمة في الأمور الدنيوية العادية عند الحاجة: ص 467.

وإذا جاز ذلك بهذا القيد، فلا يحرم على الموظف المسلم العمل في هذا القسم الذي يرأسه موظف غير مسلم، طالما لم يكن في ذلك استذلال له ولا غض من دينه، وإن كان الأولى أن يرأس المسلم رئيس مسلم! وراجع الفتويين رقم: 168801، ورقم: 192081.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة