السؤال
أوردتم في الفتوى رقم: 287389 أنه إذا كان الرأي الراجح هو الأشد، فيجب العمل به، وإذا كان الراجح هو الأيسر، يجوز العمل به، والأولى العمل بالأشد.
ولكني أود أن أسألكم، عن أنه سبق وسألتكم عن الإقرار كذبا بوقوع الطلاق، وأفدتموني أن الراجح هو رأي الجمهور، وأن الحنابلة خالفوهم، وقالوا بوقوع الطلاق.
هل من الأولى أن يأخذ من أخبر كذبا بطلاق زوجته ثلاثا، برأي الحنابلة، ويطلق زوجته، ويترك أطفاله يتشردون، أم يأخذ برأي الجمهور، ويبقي على زوجته؛ لأن هذا الرأي هو الأرجح، أم إن الزواج يقين، ولا يزول بالشك في ظل اختلاف الفتوى، ولا نص صريح في الباب، وكلا الرأيين يحتمل الصواب، والخطأ؟
أرجوكم وضحوا لي، فقد وقعت في حيرة، واضطراب، ووساوس؛ لأني دائما أحاول الخروج من الخلاف بين العلماء قدر المستطاع.
فماذا أفعل لقد تعبت، وهل علي من حرج إذا أخذت برأي الجمهور، وأنا أعتبركم من أكثر أهل زماننا هذا علما.
فهل علي من حرج إذا أخذت بقول الجمهور في هذا الموضوع، علما أنني غير قادر على الحسم، وترجيح رأي على الآخر؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالمسائل المختلف في حكمها بين أهل العلم، يعمل المسلم فيها بما يغلب على ظنه أنه الحق، إما بالنظر في الأدلة، والعمل بأرجحها إن كان يقدر على ذلك؛ وإما بتقليد الأوثق في نفسه، إن كان غير مؤهل للنظر في الأدلة، ويكفيه ذلك. وإذا تساوت عنده الأقوال، فقيل يعمل بأشدها، وقيل بأيسرها، وقيل يخير بينها.
قال الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله- : " ...الإنسان إذا اختلفت عليه الفتوى، فإنه يتبع من يراه أقرب إلى الحق؛ لغزارة علمه، وقوة إيمانه، كما أن الإنسان إذا كان مريضا ثم اختلف عليه طبيبان، فإنه يأخذ بقول من يرى أنه أرجح لما وصفه له من دواء. وإن تساوى عنده الأمران، أي لم يرجح أحد العالمين المختلفين. فقال بعض العلماء: إنه يتبع القول الأشد؛ لأنه أحوط. وقال بعض العلماء: يتبع الأيسر؛ لأنه الأصل في الشريعة الإسلامية، وقيل: يخير بين هذا وهذا. والراجح: أنه يتبع الأيسر؛ لأن هذا موافق ليسر الدين الإسلامي؛ لقول الله تبارك وتعالى: (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر". اهـ من مجموع فتاوى ورسائل العثيمين.
والله أعلم.