السؤال
تقول السائلة: زوجها تشاجر مع أخيه، وقال له: ما عاد تشتغل عندي، وإذا رجعت ففلانة طالق مني بالثلاثة. وكان في حالة غضب، وبعد ما هدأ نصحته زوجته فقالت له: أنتما أخوان. فقال لها: لا يعمل عندي، وتكونين طالقا إذا أرجعته بالثلاثة. والآن تصالح مع أخيه، ويريد إرجاعه إلى العمل، لكن ماذا عن الطلاق الحاصل هل يقع برجوعه؟
وجزاك الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالغضب لا يمنع نفوذ الطلاق ما دام صاحبه مدركا لما يقول غير مغلوب على عقله؛ قال الرحيباني الحنبلي -رحمه الله-: "ويقع الطلاق ممن غضب ولم يزل عقله بالكلية؛ لأنه مكلف في حال غضبه بما يصدر منه؛ من كفر، وقتل نفس، وأخذ مال بغير حق، وطلاق، وغير ذلك" مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى (5/ 322).
وجمهور أهل العلم بمن فيهم الأئمة الأربعة، على أن الحلف بالطلاق -سواء أريد به الطلاق، أو التهديد، أو المنع، أو الحث، أو التأكيد- يقع الطلاق بالحنث فيه، وأن الطلاق بلفظ الثلاث يقع ثلاثا، وهذا هو المفتى به عندنا، و بعض أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- يرى أن حكم الحلف بالطلاق الذي لا يقصد به تعليق الطلاق، وإنما يراد به التهديد أو التأكيد على أمر، حكم اليمين بالله، فإذا وقع الحنث لزم الحالف كفارة يمين، ولا يقع به طلاق، وعند قصد الطلاق يرى أن الطلاق بلفظ الثلاث يقع واحدة، وانظر الفتوى رقم: 11592.
وعليه؛ فالمفتى به عندنا: أن الزوج إذا أرجع أخاه إلى العمل وقع طلاقه ثلاثا، وبانت منه امرأته بينونة كبرى؛ فلا يملك رجعتها إلا إذا تزوجت زوجا آخر -زواج رغبة لا زواج تحليل-، ويدخل بها الزوج الجديد، ثم يطلقها أو يموت عنها، وتنقضي عدتها منه.
وننبه إلى أن الحلف المشروع هو: الحلف بالله تعالى، وأما الحلف بالطلاق: فهو من أيمان الفساق، وقد يترتب عليه ما لا تحمد عقباه، ولا سيما إذا كان بلفظ الثلاث.
والله أعلم.