نسبة الخطأ للأنبياء.. الجائز والممنوع

0 236

السؤال

هل يجوز قول إن الرسول صلى الله عليه وسلم يخطئ؟ أريد جوابا وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الأنبياء جميعا ـ عليهم الصلاة والسلام ـ معصومون من الذنوب الكبيرة، ومعصومون في التبليغ عن الله تبارك وتعالى، وأما الصغائر فقد تقع منهم أو من بعضهم، ولكنهم إذا وقعوا في شيء منها لا يقرون عليها، بل ينبههم الله تبارك وتعالى عليها، فيبادرون بالتوبة منها، وقد يقع منهم الخطأ أحيانا في تدبير الأمور الدنيوية، وهذا ما ذهب إليه أكثر أهل العلم، فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في مجموع الفتاوى: إن القول بأن الأنبياء معصومون عن الكبائر دون الصغائر هو قول أكثر علماء الإسلام وجميع الطوائف، وهو أيضا قول أكثر أهل التفسير والحديث والفقهاء، بل لم ينقل عن السلف والأئمة والصحابة والتابعين وتابعيهم إلا ما يوافق هذا القول. انتهى.

وسئلت اللجنة الدائمة: هل الأنبياء والرسل يخطئون؟ فأجابت: نعم، يخطئون، ولكن الله تعالى لا يقرهم على خطئهم، بل يبين لهم خطأهم رحمة بهم وبأممهم، ويعفو عن زلتهم، ويقبل توبتهم فضلا منه ورحمة، والله غفور رحيم، كما يظهر ذلك من تتبع الآيات القرآنية التي جاءت في هذا. اهـ.

وانظر الفتوى رقم: 6901.

وأما الحديث عن أخطاء الأنبياء، فقد ذكر أهل العلم أنه لا يتحدث فيه إلا مع أهل العلم والفهم الذين لا يخاف عليهم الوقوع في المحظور من تنقص الأنبياء، فقد قال العلامة محمد مولود في محارم اللسان:

كذاك أن يقول في غير تلا      وة عصى آدم ربه علا

وذكر أن لاقى نبي ضررا     ما لم يكن ذاكرا أو مذاكرا

للعلما ونحوهم ممن لا     يخاف إن يسمعه أن يضلا.

فالمسلم إذا تعرض للكلام عن جناب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا بد أن يتحفظ ويتخير من الكلام ما يناسب الحال والمقام، ولا يكون كلامه في ذلك ككلامه عن بقية الناس، ولا بد أن يبتعد عما يفهم منه التنقص لمقام النبي  صلى الله عليه وسلم، فقد قال القاضي عياض في الشفا: اعلم وفقنا الله وإياك أن جميع من سب النبي صلى الله عليه وسلم أو عابه أو ألحق به نقصا في نفسه أو نسبه أو دينه أو خصلة من خصاله أو عرض به أو شبهه بشيء على طريق السب له أو الإزراء عليه أو التصغير لشأنه أو الغض منه والعيب له فهو ساب له، والحكم فيه حكم الساب يقتل كما نبينه، ولا نستثني فصلا من فصول هذا الباب على هذا المقصد، ولا يمترى فيه تصريحا كان أو تلويحا، وكذلك من لعنه أو دعا عليه أو تمنى مضرة له أو نسب إليه ما لا يليق بمنصبه على طريق الذم أو عبث في جهته العزيزة بسخف من الكلام وهجر ومنكر من القول وزور، أو عيره بشيء مما جرى من البلاء والمحنة عليه أو غمصه ببعض العوارض البشرية الجائزة والمعهودة لديه، وهذا كله إجماع من العلماء وأئمة الفتوى من لدن الصحابة رضوان الله عليهم إلى هلم جرا. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة