السؤال
ما حكم من نسي التقصير بعد الإحرام، على مذهب الحنفية، ذكرا كان أو أنثى، ثم بقي في مكة، أو أصبح خارجها؟
ما حكم من نسي التقصير بعد الإحرام، على مذهب الحنفية، ذكرا كان أو أنثى، ثم بقي في مكة، أو أصبح خارجها؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فلم يظهر لنا المقصود من قولك "نسي التقصير بعد الإحرام" لأن التقصير أو الحلق يكون بعد الطواف، والسعي في العمرة. ويوم النحر في الحج، وليس بعد الإحرام، بل أخذ شيء من الشعر بعد الإحرام، يعتبر محظورا من محظورات الإحرام.
وإن كنت تعني نسيان الحلق أو التقصير بعد العمرة، أو في الحج. فإن الحلق، أو التقصير عند الحنفية واجب، لا يحصل التحلل إلا به، كما بيناه في الفتوى رقم: 188277 ، وإذا لم يحلق، أو يقصر، فإنه عندهم باق على إحرامه حتى يحلق، أو يقصر.
قال الكاساني الحنفي في بدائع الصنائع: ولا يحل للقارن، والمفرد التطيب ما لم يحلقا أو يقصرا؛ لبقاء الإحرام قبل الحلق، أو التقصير، فكان الحاظر باقيا، فيبقى الحظر، وكذا المعتمر ... اهـ.
وإذا لبس ثيابه قبل أن يحلق، فإنه يكون قد وقع في جناية، وهي لبس المخيط قبل التحلل، لكن الجناية عندهم تختلف. فإن استمر في لبسه ليوم كامل، فعليه دم، وإن كان أقل من يوم، فتلزمه صدقة.
جاء في الاختيار لتعليل المختار: وإن لبس المخيط، أو غطى رأسه يوما، فعليه شاة أيضا؛ لأنهما من محظورات الإحرام أيضا؛ لما بينا، فإن كان يوما كاملا، فهو ارتفاق كامل؛ لأن المعتاد أن يلبس الثوب يوما، ثم ينزع، فتجب شاة، وفيما دون ذلك صدقة ... اهـ.
ولا فرق عندهم في وجوب الجناية بين اللابس سهوا، أو جهلا، أو عمدا، و المرأة معلوم أنها تخالف الرجل في الإحرام، فهي باقية على لباسها، ولكن لو تطيبت قبل التقصير، فعليها الجزاء كالرجل.
قال في البدائع: ويستوي في وجوب الكفارة بلبس المخيط العمد، والسهو، والطوع، والكره عندنا ... والرجل والمرأة في الطيب سواء في الحظر، ووجوب الجزاء؛ لاستوائهما في الحاظر، والموجب للجزاء. اهـ.
وأيضا الحلق عندهم في الحج يتقيد بالزمان، وهو أيام النحر، وبالمكان وهو الحرم، فمن أخرج الحلق عن الزمان، لزمه دم، ومن أخرجه عن المكان، لزمه دم أيضا.
قال صاحب العناية: الحلق يعني في الحج، يتوقت بالمكان، والزمان أي: بيوم النحر، والحرم .. اهـ.
وأما في العمرة، فلا يتوقت الحلق، أو التقصير بزمان، ولكن بالمكان. فلو حلق، أو قصر خارج الحرم، لزمه دم.
قال السرخسي في المبسوط: فأما في العمرة، فلا يتوقت الحلق بزمان، حتى لو أخر الحلق فيه شهرا، لا يلزمه شيء؛ لأن أصل العمرة لا يتوقت بالزمان، ... ولكنه يتوقت بالحرم، حتى لو حلق للعمرة خارج الحرم، فعليه دم عند أبي حنيفة، ومحمد -رحمها الله تعالى- كما في الحج .... اهـ.
قال بدر الدين العيني في البناية شرح الهداية: ومن اعتمر فخرج من الحرم، وقصر، فعليه دم عند أبي حنيفة، ومحمد - رضي الله عنهم- لتأخيره عن مكانه ... اهـ.
والله أعلم.