ماهية الملائكة وأوصافهم في الكتاب والسنة

0 5381

السؤال

1- لماذا يقال: "إن الملائكة بنات الله"؟
2- لماذا يقال: "إنهم إناث"؟
3- أي قوم قالوا ذلك؛ هل هم النصارى أم اليهود أم المشركون أم من؟
4- هل الملائكة ذكور أم إناث أم ماذا بالضبط؟
وشكرا لكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فإن من الكفر العظيم القول بأن الملائكة بنات الله، وهو من مختلقات العرب الجاهليين؛ قال تعالي: إن الذين لا يؤمنون بالآخرة ليسمون الملائكة تسمية الأنثى * وما لهم به من علم [النجم27 - 28].

وقال ابن كثير: يقول تعالى منكرا على المشركين في تسميتهم الملائكة تسمية الأنثى، وجعلهم لها أنها بنات الله، كما قال: {وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا أشهدوا خلقهم ستكتب شهادتهم ويسألون } [الزخرف: 19]؛ ولهذا قال: { وما لهم به من علم } أي: ليس لهم علم صحيح يصدق ما قالوه، بل هو كذب، وزور، وافتراء، وكفر شنيع.

وفي تفسير البغوي: قوله تعالى: فاستفتهم، فاسأل يا محمد أهل مكة، وهو سؤال توبيخ، ألربك البنات ولهم البنون؟! وذلك أن جهينة وبني سلمة وبني عبد الدار زعموا أن الملائكة بنات الله، تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا، يقول: جعلوا لله البنات ولأنفسهم البنين. اهـ.

وقال العراقي في طرح التثريب: (الثالثة) والقائلون اتخذ الله سبحانه ولدا هم من قال من اليهود بأن عزيرا ابن الله، ومن قال من النصارى بأن المسيح ابن الله، ومن قال من العرب بأن الملائكة بنات الله، تعالى عن ذلك. اهـ.

ولم نقف على من بين لماذا اختلقوا ذلك، وقد تناول القرآن هذه القضية بالحسم والبيان لبطلانها في مواضع كثر، فمن ذلك قوله تعالى: وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه بل له ما في السماوات والأرض كل له قانتون * بديع السماوات والأرض وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون {البقرة: 116ـ 117}.
وقوله: وجعلوا لله شركاء الجن وخلقهم وخرقوا له بنين وبنات بغير علم سبحانه وتعالى عما يصفون * بديع السماوات والأرض أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم * ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه وهو على كل شيء وكيل {الأنعام: 100ـ 102}.
وقوله: قالوا اتخذ الله ولدا سبحانه هو الغني له ما في السماوات وما في الأرض إن عندكم من سلطان بهذا أتقولون على الله ما لا تعلمون * قل إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون * متاع في الدنيا ثم إلينا مرجعهم ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون {يونس: 68ـ70}.
وقوله: وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا * ما لهم به من علم ولا لآبائهم كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا {الكهف: 4ـ5}.
وقوله: ما كان لله أن يتخذ من ولد سبحانه إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون {مريم: 35}.
وقوله: وقالوا اتخذ الرحمن ولدا * لقد جئتم شيئا إدا * تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا * أن دعوا للرحمن ولدا * وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا * إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا {مريم: 88ـ 92}.

وقوله: فاستفتهم ألربك البنات ولهم البنون * أم خلقنا الملائكة إناثا وهم شاهدون * ألا إنهم من إفكهم ليقولون * ولد الله وإنهم لكاذبون * أصطفى البنات على البنين * ما لكم كيف تحكمون * أفلا تذكرون * أم لكم سلطان مبين * فأتوا بكتابكم إن كنتم صادقين * وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون * سبحان الله عما يصفون {الصافات: 149ـ 159}.

 وفي الصحيحين عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: يقول الله تعالى: شتمني ابن آدم وما ينبغي له ذلك، وكذبني ابن آدم وما ينبغي له ذلك؛ فأما شتمه إياي فقوله: إني اتخذت ولدا وأنا الأحد الصمد لم ألد ولم أولد ولم يكن لي كفوا أحد. وأما تكذيبه إياي فقوله: لن يعيدني كما بدأني. وليس أول الخلق بأهون علي من إعادته.

وقد حمد الله تعالى نفسه، وأثنى عليها، ومجدها بانتفاء مثل هذه النقائص عنه؛ فقال -عز من قائل-: وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا {الإسراء: 111}.

وقال سبحانه: تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا * الذي له ملك السماوات والأرض ولم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك وخلق كل شيء فقدره تقديرا {الفرقان:1ـ2}.

وأما عن ماهية الملائكة: فإنهم خلق من خلق الله، لهم صفات خاصة، ولا يتصفون بالذكورة ولا الأنوثة؛ فقد جاء في العقائد الإسلامية لابن باديس: الملائكة مخلوقون من النور، لا يوصفون بذكورة، ولا بأنوثة، ميسرون للطاعات، معصومون من المعاصي، مسخرون بإذن الله في شؤون الخلق، وتدبير الكون، وحفظ العباد، وكتابة أعمالهم، أمناء على الوحي في حفظه، وتبليغه؛ لحديث عائشة -رضي الله عنها-، قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: "خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم" رواه مسلم. ولقوله تعالى: {وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا أشهدوا خلقهم ستكتب شهادتهم ويسألون} .... اهـ.
وجاء في اعتقاد أهل السنة شرح أصحاب الحديث، للشيخ محمد بن عبد الرحمن الخميس: وأما الإيمان بالملائكة: فهو أن تصدق بوجودهم، وأنهم عباد مكرمون، خلقهم الله لعبادته، فلا يعصون الله ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون، ولا يفترون عن عبادته {يسبحون الليل والنهار لا يفترون}. والإيمان بأوصافهم، وأعمالهم التي يقومون بها كما جاء في الكتاب والسنة. والإيمان بمن ورد النص بتسميتهم على وجه الخصوص؛ مثل: جبريل، وميكائيل، وإسرافيل، وملك الموت. ونقول: إن من قال بأنهم إناث، فقد كفر؛ لمخالفته كتاب الله، ولا يقال: إنهم ذكور؛ إذ لم يرد في ذلك نص صحيح. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات