السؤال
فقد قرأت الفتوى رقم: 211984، وما أحيل عليه فيها، وهنا أحب أن أسأل:
هل يصح أساسا أن يسمى نقد العلماء والدعاة بالجرح والتعديل؟
وذلك لأن الجرح والتعديل في الأصل وفيما نعلم كان له غاية شرعية وهي تصفية الروايات والآثار لمعرفة الصحيح منها من غيره.
وبما أن هذا المسلك قد نتج عنه تبديع وتضليل جمهور العلماء والدعاة والعاملين في الساحة الإسلامية من أهل السنة في المرحلة المعاصرة من تاريخ الإسلام، فالسؤال المهم هنا: من هو الأسوأ حالا: من يكفر الفساق (على مذهب الخوارج)، أم من يفسق و يبدع ويضلل العلماء والدعاة وطلبة العلم (على مذهب هؤلاء)؟.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا أريد بالجرح والتعديل: العلم المعروف من علوم الحديث، فهذا خاص برواة الأحاديث ونقلة الآثار، ولا يدخل فيه نقد الدعاة وأهل العلم وطلبته بعد انتهاء عصر الرواية، وأما إن أريد به ما هو أعم من هذا، وهو بيان حال من يؤخذ عنه العلم؛ ليتميز من يصلح لذلك ممن لا يصلح، فلا مشاحة في الاصطلاح، ويبقى النظر في الوقوف عند حدود الله تعالى والالتزام بالأحكام الشرعية المتعلقة بهذا الجانب، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 128142.
وأما السؤال عن المفاضلة في السوء بين من يكفر الفساق، ومن يفسق العلماء وطلبة العلم والدعاة ؟ فجوابه أن الذي نراه صوابا هو أن الأشد إثما، والأعظم خطرا، هو مسلك الخوارج الذي يكفرون صاحب الكبيرة، لأنهم بالنسبة للآخرة يحكمون بخلوده في النار، وبالنسبة للدنيا يستبيحون دمه وعرضه وماله، ولا يتحاشون أن ينزلوا مثل هذه الأحكام على أهل العلم والفضل والصلاح، طالما اعتقدوا أنهم وقعوا في كبيرة، ومن أشنع ذلك وأقبحه وأشهره: ما فعله أوائلهم مع الخليفة الراشد علي بن أبي طالب رضي الله عنه. وراجع للفائدة الفتوى رقم: 216640.
والله أعلم.