السؤال
عندما أمر الله تعالى الملائكة بالسجود لآدم عليه السلام، نعرف من القرآن الكريم أن إبليس من الجن لقول الله: (إلا إبليس كان من الجن...) إذن إبليس من الجن، والله في أمره للسجود خاطب الملائكة: (وإذ قلنا للملائكة) ولم يقل الله للملائكة والجان، فلماذا إذن لم يكن عدم سجوده أمرا طبيعيا؟ فالأمر كان موجها للملائكة، وإبليس أصلا ليس من الملائكة، فأين المشكلة في امتناعه عن السجود وهو أصلا لم يؤمر بذلك؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الصحيح من أقوال أهل العلم أن إبليس لم يكن من الملائكة، بل كان من الجن، ويدل لهذا القول قول الله تعالى: وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه {الكهف:50}.
وقال الحسن البصري ـ رحمه الله ـ: ما كان إبليس من الملائكة طرفة عين قط، وإنه لأصل الجن، كما أن آدم عليه السلام أصل البشر. رواه ابن جرير عنه بإسناد صحيح.
وقال العلامة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي ـ رحمه الله ـ في أضواء البيان: وأظهر الحجج في المسألة حجة من قال إنه غير ملك، لأن قول الله تعالى: (إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه) [الكهف:50]، هو أظهر شيء في الموضوع من نصوص الوحي.
ولكن الأمر بالسجود لآدم لم يكن خاصا بالملائكة، بل كان موجها لإبليس معهم أيضا، بدليل قوله تعالى: قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين {الأعراف:12}.
وأخرج مسلم وابن ماجه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي ويقول: ياويله أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة، وأمرت بالسجود فأبيت فلي النار.
وقال ابن كثير في تفسيره: والغرض أن الله تعالى لما أمر الملائكة بالسجود لآدم دخل إبليس في خطابهم؛ لأنه وإن لم يكن من عنصرهم إلا أنه كان قد تشبه بهم وتوسم بأفعالهم، فلهذا دخل في الخطاب لهم وذم في مخالفة الأمر. اهـ.
والله أعلم.