السؤال
يقول الله عز وجل من سورة آل عمران آية 54 : { ياعيسى إني متوفيك ورافعك إلي} وفي سورة المائدة آية 119: { فلما توفـيـتني كنت أنت الرقيب عليهم} ويقول في سورة النساء آية 157: { وما قتلوه يقينا بل رفعه الله إليه} الضمير في رفعه يعود إلى عيسى عليه السلام، الآية الأولى والثانية تفيدان أنه رفع روحه، لأن الرفع بعد الموت لا يكون إلا للروح، الآية الثالثة تفيد أنه رفع بذاته السؤال: فأي المعـنـيـيـن أصح؟ هل رفعت الذات أم رفعت الروح؟ وكيف نوفق بين الآيتين لرفع التـناقض على الأقل في الظاهر؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد دلت الأحاديث بأن عيسى عليه السلام لا يزال حيا وأنه لم يمت، وأنه باق في السماء على الحياة التي كان عليها في الدنيا حتى ينزل إلى الأرض في آخر الزمان.
وأما ما أشارت إليه آية آل عمران وآية المائدة من الوفاة قبل رفعه، فالمراد به عند جمهور المفسرين هو: وفاة نوم، أي أن الله تعالى ألقى عليه النوم قبل رفعه إلى السماء. قال ابن كثير في تفسيره: وقال الأكثرون المراد بالوفاة هاهنا النوم؛ كما قال تعالى: وهو الذي يتوفاكم بالليل [الأنعام:60]، وقال تعالى: الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى [الزمر:42]. انتهى.
وقال القرطبي في تفسيره عن قوله تعالى: فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم [المائدة:117] قال: قيل هذا يدل على أن الله عز وجل توفاه قبل أن يرفعه، وليس بشيء؛ لأن الأخبار تظاهرت برفعه وأنه في السماء حي، وأنه ينزل ويقتل الدجال، وإنما المعنى: فلما رفعتني إلى السماء. انتهى.
وبهذا يعلم السائل أنه لا تعارض بين الآيتين من سورتي آل عمران والمائدة، وهما قوله سبحانه: إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي [آل عمران:55]، وقوله: فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم [المائدة:117]. وبين آية سورة النساء وهي قوله سبحانه: وما قتلوه يقينا * بل رفعه الله إليه [النساء: 157، 158]، وأن الرفع بالروح والجسد معا، وليس بالروح فقط.
والله أعلم.