اتهام المجتمع بالنفاق... رؤية شرعية

0 200

السؤال

ما حكم من قال أغلب المجتمع منافقون؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: 

فإن كان مقصود هذا القائل النفاق الأكبر، وكان يعني أن أغلب الناس يقولون لا إله إلا الله بألسنتهم وهم يبطنون الكفر وأنهم غير مصدقين بها في الحقيقة، فهو على خطر عظيم، فإنه بذلك واقع في تكفير المسلمين عياذا بالله، والأصل في من قال لا إله إلا الله أنه من أهل الإسلام، ولا يحكم عليه بخلاف ذلك بغير بينة، وفي الصحيح من حديث أسامة بن زيد قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية، فصبحنا الحرقات من جهينة، فأدركت رجلا فقال: لا إله إلا الله، فطعنته فوقع في نفسي من ذلك، فذكرته للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أقال لا إله إلا الله وقتلته؟ قال: قلت: يا رسول الله، إنما قالها خوفا من السلاح، قال: أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا؟ فما زال يكررها علي حتى تمنيت أني أسلمت يومئذ.

وأما إن كان مقصوده النفاق العملي كإخلاف الوعد والكذب في الحديث والفجور في الخصومة ونحو ذلك من شعب النفاق وأراد أن هذا كثير في الناس فاش فيهم فهذا صحيح، ولكن لا يجوز له أن يقول هذا الكلام على جهة احتقار الناس، والزراية عليهم، واعتقاد أنه أفضل منهم، فقد روى مسلم في صحيحه أنه صلى الله عليه وسلم قال: إذا قال الرجل هلك الناس فهو أهلكهم. قال أبو زكريا النووي ـ رحمه الله ـ في شرحه: واتفق العلماء على أن هذا الذم إنما هو فيمن قاله على سبيل الإزراء على الناس واحتقارهم وتفضيل نفسه عليهم وتقبيح أحوالهم؛ لأنه لا يعلم سر الله في خلقه، قالوا: فأما من قال ذلك تحزنا لما يرى في نفسه وفي الناس من النقص في أمر الدين فلا بأس عليه كما قال لا أعرف من أمة النبي صلى الله عليه وسلم إلا أنهم يصلون جميعا هكذا فسره الإمام مالك وتابعه الناس عليه. وقال الخطابي: معناه لا يزال الرجل يعيب الناس ويذكر مساويهم ويقول فسد الناس وهلكوا ونحو ذلك، فإذا فعل ذلك فهو أهلكهم أي أسوأ حالا منهم بما يلحقه من الإثم في عيبهم والوقيعة فيهم، وربما أداه ذلك إلى العجب بنفسه ورؤيته أنه خير منهم. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة