السؤال
كما نرى جميعا أن البشر خطاؤون ولا يسلم أحد من الخطأ.
والسؤال هو: أننا نرى علماء الإسلام أغلبهم هدانا الله وإياهم حين نسألهم عن حكم معين فإنها تأخذهم الغلظة والشدة، ويعسرون على الخلق ويبتدعون في الدين ما يخالف الفطرة والحياة وحتى أحكام الدين سدا للذرائع.
فهل هم على صواب في ذلك؟ أم نحن على باطل نتبع الهوى؟ لا أعلم إن كنت مخطئة في فهمي لهم أم لا، وهل ظلمتهم أم لا؟ لكني والله حيرى منهم، فيوما يقولون بيسر الإسلام، وأنه دين السلام وموافقته الفطرة، ويقولون ويفعلون بعد ذلك غير ما قالوا من الغلظة والشدة والتعسير, وأمر آخر الدعاة يشددون على المرأة مما يقوي الغلمان والرجال علينا، فأصبحوا يقولون في أحاديثهم المرأة - أكرمكم الله - لا تصلح إلا للفراش استنادا على قول عبد الوهاب، فالمشايخ منعوا عنا الحياة بحجة الفتنة، فأصبحنا جاهلات نؤمن بأن الظلم والجهل والاضطهاد هو حقنا في الحياة، وأصبح الغلمان أولياء أمور البالغات العاقلات, أين أهليتنا في الإسلام منهم؟
ومنهم من قال بصلاح الإمامة من صبي وخطئها من امرأة بالغة عاقلة, أي العقل في هكذا أقوال هذا زيادة على إيجابهم لمحرم بكل حركاتنا وسكناتنا وكأننا بهائم ضالة!!
أمر آخر يعظمون الصغيرة في حق المرأة ويتغاضون عن الكبائر من قبل الرجال!!
أرى أنهم لم يسدوا الذرائع وفتحوا الأبواب للعلمانيين والزنادقة وأصحاب الهوى, وكما قيل إن العلمانية نشأت في الغرب للتحريف البليغ في المسيحية، ها هي بوادر العلمانية تظهر لدينا من أخطائهم, موقف المسلم منهم ومن تقلباتهم، وادعوا لي بالهداية لكنه والله أمر غلب علينا جميعا وبتنا لا نعرف الصواب من عدمه.
أرجوا أن تمثلوا الإسلام بجوابكم من اليسر واللين على الجهلة, وجزاكم الله عنا خير الجزاء أعتذر للإطالة.
أستغفر الله أستغفر الله.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الذي ذكرته ليس صوابا، فالأصل في أهل العلم هو التزامهم بما يدل عليه الشرع الحنيف، وتيسيرهم على عباد الله في مواضع التيسير، وتشديدهم في مواضع التشديد، وقد يختلفون بحسب ما يظهر للواحد منهم من الأدلة، وأما زعمك أنهم يشددون بحجة سد الذرائع، ويفتحون بابا للعلمانية، ويبخسون المرأة حقها، فكل هذا من الظلم للعلم وأهله والجناية عليهم، والذي ننصحك به هو امتثال ما أمر به الشرع من تعظيم العلماء وتوقيرهم كما قال تعالى: ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب {الحج:32}، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ليس منا من لم يجل كبيرنا، ويرحم صغيرنا، ويعرف لعالمنا حقه. رواه أحمد وحسنه الألباني، والنصوص في هذا الباب كثيرة.
وأما ما تمحور حوله سؤالك من السبب الذي دعاك إلى تنقص العلماء والوقيعة فيهم - وهو زعمك أنهم يظلمون المرأة ويبخسونها حقها - فهو من أقبح الظلم وأشنعه، ومن ذا من علماء الإسلام قال إن المرأة لا تصلح إلا للفراش، وقد رأينا عبر تاريخ الإسلام المرأة عالمة وعابدة ومجاهدة صابرة، وأما تخرج الأجيال، وزوجة تعرف حق البعل وتعينه على لأواء الحياة وشدتها، وبنتا بارة تعرف حق الأبوين وتحسن إليهما، ونحن ننصحك بمراجعة كتاب: مكانة المرأة في الإسلام. للشيخ محمد إسماعيل المقدم ففيه ما يكفي لدحض هذا الافتراء الباطل.
وأما كون المرأة لا تصلح للإمامة، فهي إنما لا تصلح لإمامة الرجال وحكمة هذا ظاهرة جدا، فإن في رفعها صوتها، وتقدمها بين يدي الرجال من الابتذال لها، وتعرضها لأن تفتن وتفتن ما لا يخفى على العاقل، وقبل هذا وبعده فهذا حكم الله الذي يجب أن يتلقاه المسلم بالتسليم والامتثال كما هو مقتضى العبودية لله عز وجل، فننصحك أن تراجعي موقفك هذا وتزني كلامك بميزان الشريعة، وتحكميها في الصغير والكبير، وتعرفي حق أهل العلم وتراعي حرمتهم.
والله أعلم.