السؤال
لقد أعطاني شخص مبلغا من المال، هذا المال أصبح لي فقمت بإيداعه في البنك والبنك يتعامل بالربا، لم أكن أدرك ذلك وقتها، وكانت تضاف فوائد للمبلغ، كما قمت بصرف جزء منه، ولما تيقنت أن معاملات البنك ربوية سحبت ما تبقى منه.
سؤالي: المبلغ الأصلي الذي قمت بإيداعه الأغلب أنه به ربا بما أن أغلب البنوك هنا تتعامل بالربا، كما أنني لا أستطيع التواصل بالشخص المعني، فهل أتصدق بما أستطيع، خصوصا أني بحاجة ماسة إلى المال، وإذا تيسرت الأمور هل يمكنني أن أتصدق بكل ما يجب علي، وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون؟
وفي نفس السياق هل مثلا عند بيع أشياء وقبض المال وإدراك أن الأغلب هو مال به ربا فهل تكون الصدقة والزكاة بصفة عامة سبيلا لتطهيره؟ وهل يجوز بيع أشياء من ليسوا مسلمين؟.
وشكرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالفوائد المكتسبة من إيداع المال في البنك الربوي مال محرم وكسب خبيث، يلزم التخلص منها بصرفها في مصالح المسلمين أو دفعها للفقراء والمساكين، وليس لك أخذها لنفسك إلا أن تكون فقيرا محتاجا فلا حرج عليك حينئذ في الانتفاع بها، قال النووي في المجموع: وله أن يتصدق به على نفسه وعياله إن كان فقيرا، لأن عياله إذا كانوا فقراء فالوصف موجود فيهم؛ بل هم أولى من يتصدق عليه، وله هو أن يأخذ قدر حاجته لأنه أيضا فقير. انتهى كلامه
والزكاة إنما تجب في أصل المال إن كان يبلغ نصابا وحال عليه الحول، وأما الفوائد الربوية فلا زكاة فيها بل تصرف فيما ذكرنا على سبيل التخلص منها وليس على سبيل الصدقة لأن الله طيب لا يقبل إلا طيبا.
وعليه؛ فإخراج الزكاة أو دفع صدقة عامة لا يكفي بل يجب التخلص من قدر تلك الفوائد الربوية؛ كما سبق.
وقد أحسنت في الكف عن معاملة البنك الربوي فحرمة الربا عظيمة وإثمه يشمل آكله وموكله ومعينهما، ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: لعن آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه، وقال: هم سواء. كما رواه مسلم.
وأما معاملة الكفار فيما هو مشروع من بيع أو شراء فلا حرج فيه لما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة رضي الله عنهم من التعامل مع الكفار أهل الكتاب وغيرهم، وقد توفي صلوات الله وسلامه عليه ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعا من شعير، كما في البخاري وغيره.
والله أعلم.