السؤال
شيوخنا الكرام قرأت فتوى للشيخ محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله عز و جل ـ في كتاب مجموع فتاوى ورسائل هذه الفتوى.
(إن من كان طواف الإفاضة الذي طافه غير صحيح أي بطل بسبب ما فيجب عليه العودة إلى مكة ويطوف طواف الإفاضة بثيابه ويرجع، وإن أحب أن يحرم من الميقات بعمرة فيطوف ويسعى و يقصر، ثم يطوف طواف الإفاضة فلا باس).
شيوخنا الكرام هل هناك رأى آخر غير رأي شيخنا الفاضل الشيخ محمد بن صالح العثيمين؟.
وبارك الله فيكم.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما نسبته للشيخ ابن عثيمين جاء فى فتاواه بصيغ متعددة، ومن بينها قوله فى مجموع الفتاوى: هذا رجل حج حج قران، وطاف للقدوم أول ما قدم لمكة، وسعى، ثم بعد أن وقف بعرفة ومزدلفة وأكمل الرمي طاف للوداع وانصرف، نقول: إنه بقي عليه طواف الإفاضة وهو ركن لا يتم الحج إلا به، وباق عليه من الإحرام التحلل الثاني، وعلى هذا فلا يقرب زوجته، ويجب عليه أن يكمل حجه مادام الشهر باقيا الآن، يجب عليه أن يسافر إلى مكة، والأفضل أن يأخذ عمرة؛ لأنه مر بالميقات يريد إكمال النسك، فيحرم من الميقات ويطوف ويسعى ويقصر ثم يطوف طواف الإفاضة. انتهى
وما أفتى به الشيخ بن عثيمين هو الذى عليه عامة العلماء, فإن طواف الإفاضة ركن من أركان الحج لا يتم بدونه, جاء فى المغني لابن قدامة: ويسمى طواف الإفاضة؛ لأنه يأتي به عند إفاضته من منى إلى مكة، وهو ركن للحج، لا يتم إلا به، لا نعلم فيه خلافا، ولأن الله عز وجل قال: {وليطوفوا بالبيت العتيق} [الحج: 29]، قال ابن عبد البر: هو من فرائض الحج لا خلاف في ذلك بين العلماء، وفيه عند جميعهم قال الله تعالى: {وليطوفوا بالبيت العتيق} [الحج: 29]، وعن عائشة، قالت: حججنا مع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأفضنا يوم النحر، فحاضت صفية، فأراد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ منها ما يريد الرجل من أهله، فقلت: يا رسول الله، إنها حائض، قال: أحابستنا هي؟ قالوا: يا رسول الله، إنها قد أفاضت يوم النحر، قال: اخرجوا متفق عليه، فدل على أن هذا الطواف لا بد منه، وأنه حابس لمن لم يأت به، ولأن الحج أحد النسكين، فكان الطواف ركنا كالعمرة.
وفى الموسوعة الفقهية: ولا يكفي الفداء عن أداء طواف الإفاضة إجماعا؛ لأنه ركن، وأركان الحج لا يجزئ عنها البدل، ولا يقوم غيرها مقامها، بل يجب الإتيان بها بعينها. انتهى
وقال ابن قدامة أيضا: وجملة ذلك أن طواف الزيارة ركن الحج، لا يتم إلا به، ولا يحل من إحرامه حتى يفعله، فإن رجع إلى بلده قبله، لم ينفك إحرامه، ورجع متى أمكنه محرما، لا يجزئه غير ذلك، وبذلك قال عطاء، والثوري، ومالك، والشافعي، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي وابن المنذر، وقال الحسن: يحج من العام المقبل، وحكي نحو ذلك عن عطاء قولا ثانيا، وقال: يأتي عاما قابلا من حج أو عمرة، ولنا قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حين ذكر له أن صفية حاضت، قال: "أحابستنا هي؟" قيل: إنها قد أفاضت يوم النحر، قال: "فلتنفر إذا" يدل على أن هذا الطواف لا بد منه، وأنه حابس لمن لم يأت به، فإن نوى التحلل، ورفض إحرامه، لم يحل بذلك؛ لأن الإحرام لا يخرج منه بنية الخروج، ومتى رجع إلى مكة، فطاف بالبيت، حل بطوافه؛ لأن الطواف لا يفوت وقته، على ما أسلفناه. انتهى
والله أعلم.