السؤال
أعلم أن العلماء قد اختلفوا في حكم الإسبال، وأعلم أن الجمهور قد أفتوا بتحريمه حتى ولو كان من غير خيلاء، ولكني أخذت بالجزء الذي يقول إنه مكروه ما لم يقصد به الخيلاء، ولكن في هذه الحال سمعت أناسا يقولون إنه ينقص من الصلاة، والأفضل ألا تكون مسبلا في الصلاة على الأقل. فهل آثم على ذلك؟ علما أنني قد أخذت بالقول الذي يقول إنه مكروه؛ لأنه في هذا الزمن أصبح الإسبال من العادات والأعراف وجزءا من متطلبات المجتمع.
أفتوني -جزاكم الله خيرا-.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالجمهور على أن الإسبال لغير الخيلاء لا يحرم؛ كما بينا بالفتوى رقم: 21266.
واعلم أن من أجاز الإسبال لغير خيلاء كرهه، واستحب تقصير الثوب؛ قال النووي في رياض الصالحين: باب صفة طول القميص والكم والإزار وطرف العمامة وتحريم إسبال شيء من ذلك على سبيل الخيلاء وكراهته من غير خيلاء. انتهى.
قال الشيخ/ بكر أبو زيد في حد الثوب والأزرة: لهذه الوجوه ورد النهي عن الإسبال مطلقا في حق الرجال, وهذا بإجماع المسلمين, وهو كبيرة إن كان للخيلاء, فإن كان لغير الخيلاء فهو محرم مذموم في أصح قولي العلماء, والخلاف للإمام الشافعي والشافعية في أنه إذا لم يكن للخيلاء فهو مكروه كراهة تنزيه, على أنه قد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- يقضي بأن مجرد الإسبال: ((خيلاء)), فعن ابن عمر -رضي الله عنهما- مرفوعا: ((وإياك وجر الإزار؛ فإن جر الإزار من المخيلة)) [رواه ابن منيع في: ((مسنده))], وعن أبي جري الهجيمي جابر بن سليم, مرفوعا: ((وإياك والإسبال؛ فإنه من المخيلة)) [رواه أحمد في: ((المسند))]. فظاهرهما يدل على أن مجرد الجر, يستلزم الخيلاء, ولو لم يقصد اللابس ذلك, فالمسلم ممنوع منه لكونه مظنة الخيلاء, ولو كان النهي مقصورا على قاصد الخيلاء غير مطلق, لما ساغ نهي المسلمين عن منكر الإسبال مطلقا, لأن قصد الخيلاء من أعمال القلوب, لكن ثبت الإنكار على المسبل إسباله دون الالتفات إلى قصده, ولهذا أنكر -صلى الله عليه وسلم- على المسبل إسباله دون النظر في قصده الخيلاء أم لا, فقد أنكر -صلى الله عليه وسلم- على ابن عمر -رضي الله عنهما-, وأنكر على جابر بن سليم, وعلى رجل من ثقيف, وعلى عمرو الأنصاري, فرفعوا -رضي الله عنهم- أزرهم إلى أنصاف سوقهم .." انتهى.
ويتأكد ترك الإسبال في الصلاة خروجا من خلاف من أبطلها، وانظر الفتوى رقم: 7445.
وأما مسألة الأخذ بقول الجمهور في الإسبال: فإن الأمر فيه كالأمر في أي مسألة خلافية بين الفقهاء، وقد بينا ما يفعله العامي إذا اختلفت عليه الفتيا بالفتوى رقم: 120640، وبها يتبين أن الأصل اتباع ما ترجح له من أقوال المفتين؛ فيفاضل بين المفتين بالعلم والورع، ونحو ذلك.
ومع هذا فلا حرج عليك بالعمل بقول من لم يحرمه؛ ما لم يكن ديدنك تتبع الرخص، وانظر الفتوى رقم: 203266.
والله أعلم.