الزوجة إذا زنت.. إمساك أم فراق

0 229

السؤال

سافرت إلى أوروبا منذ 10 أشهر، وتركت زوجتي، وطفلي في دولة عربية مع أهلي. وأعرف حكم الشرع أنه لا يستحب الغياب أكثر من 4 أشهر.
زوجتي كانت تلح علي بالسؤال، بالحاجة لعمل لم شمل، أو حتى الرجوع لحاجتها إلي، وتكرر ذلك منها. إلى أن لاحظت بعد غيابي 6 أشهر، أنها لم تعد تهتم بالأمر كسابق عهدها.
في إحدى المكالمات معها، أخبرتها أني أشك فيها، وكنت حذرتها من عدم الصدق، وأخبرتها أني طلبت عن طريق السفارة كشفا بأرقام الصادر، والوارد، والتسجيل الصوتي. لكني صعقت بانهيارها السريع، واعترافها بما لم يخطر ببالي نهائيا (كان شكي خيانة بالهاتف) حيث إنها للأسف منقبة من بيت أهلها، لكن الصاعقة كانت بأن وصل بها الأمر، أنها وقعت بالفعل في الزنا، وكررت السؤال عدة مرات؛ لأتأكد لعدم استيعابي لما أسمع، لكنها أصرت أنها فعلا وصلت إلى هذا الحد....
بداية بعد أن فكرت عميقا، قررت عدم فضح أمرها، والتريث، والبحث في موقف الشرع.
لكن لدي 10 أسباب تدفعني لتركها:
1- ارتكابها كبيرة من الكبائر.
2- أخطأت في حق دينها (وزنت مع مسيحي) ليس القصد أن ذلك مقبول مع المسلم، لكن من قام بذلك كان هدفه النيل من المنقبة.
3- أخطأت في حق نقابها (أعطت الصورة السوداء التي تروج عن المنقبات)
4- خانت زوجها.
5- خانت ابنها.
6- خانت صاحب البيت الذي تقيم فيه(والدي)
7- خانت أهلها، وأخواتها.
8- أنها محصنة.
9- الحدث وقع في بيتي، وعلى فراشي.
10- الاستمرار معها، يعني حياة زوجية مع شك دائم.
في المقابل .... أسباب تجول بخاطري، تدفعني للتريث، وطلب المشورة:
1- أن أستر عليها .... واحتساب بثي، وحزني عند الله.
2- الإبقاء شكليا على هيكل الأسرة، من أجل الطفل.
3- عدم رغبتي في أن أفجع والدها المريض، وهو عمي (أخو والدي)
4- إحساسي العميق بعدم نجدتها لما كانت تستعجلني، وترجوني بأن لا أطيل المدة أكثر.
5- تعلقي الشديد بها، إلى الحد الذي يجعلني غير قادر على التمييز بين ما يدفعني إلى التريث: هل احتساب ذلك عند الله، أم تعلقي بها؟
ما دفعني لهذا التفكير، مشاهدتي لمقطع فيديو عن قصة رؤية إمام مسجد في باب سريجه، للرسول صلى الله عليه وسلم يقول له: قل لفلان إنه في الجنة.... قصة الطفل الذي وضع بباب المسجد.
https://www.youtube.com/watch?v=XtOb4P8wzYc
أرجو الإفادة برأي الشرع في مثل هذا الموقف.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فلا يجوز للزوج أن يغيب عن زوجته أكثر من ستة أشهر -وليس أربعة أشهر- إلا برضاها، ونص الفقهاء على أنها إذا طلبت رجوعه، لزمه ذلك. فإن لم يفعل، كان لها الحق في طلب الطلاق، وللتفصيل نرجو مراجعة الفتوى رقم: 43742.  

 وقد كان الواجب على زوجتك أن تتقي الله، وتصبر، ولا تقدم على الزنا الذي هو ذنب عظيم، وفاحشة، وساء سبيلا. كما أخبر عنه الرب تبارك وتعالى في كتابه، وراجع للمزيد الفتوى رقم: 26237، فغيابك عنها لا يسوغ لها الوقوع في الزنا، وكان بإمكانها أن تطلب الطلاق إن شاءت. فالواجب عليها أن تتوب إلى الله توبة نصوحا، وشروط التوبة بيناها في الفتوى رقم: 29785.

 واعلم أنه لا يجوز للزوج أن يتهم زوجته بالزنا بغير بينة، بل لمجرد الشك فيها، فهذا منكر عظيم، وليس لك الحق في تكلف البحث عما إن كانت قد وقعت في شيء من ذلك أم لا، أو تهديدها حتى تعترف بذلك، وأخطأت هي حين اعترفت بذلك، فكان الواجب عليها أن تتوب إلى الله، وتستر على نفسها، ولا تخبرك بما فعلت، وانظر الفتوى رقم: 33442

وإن تابت إلى الله، وأنابت، فأمسكها عليك، وعاشرها بالمعروف، ونحسب أنها امرأة خيرة في أصلها، فقد ذكرت التزامها بالحجاب، بل والنقاب، إضافة إلى أنها طلبت منك جمع شمل الأسرة، والعودة إليها، مما يعني حرصها على العفاف، وأنها وقعت فيما وقعت فيه بسبب غفلة استغلها الشيطان، قال تعالى: إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون {الأعراف:201}. ولا تلتفت بعد ذلك إلى أي خواطر وهواجس، ولكن عليك أن تحرص على أن تكون زوجتك معك حيث تقيم، وأن تحرص على إعفافها، والحيلولة بينها وبين أسباب الفتنة.

وننبهك إلى خطأ هذا التوسع في أمر الخيانة بقولك مثلا: إنها خانت ابنها، وخانت صاحب البيت الذي تقيم فيه....، وما يجري بخاطرك من أوهام عدم الإخلاص، نخشى أيضا أن يكون من كيد الشيطان ليصدك عن زوجتك، فاحرص على الإخلاص لتنال الأجر من الله، ودافع ما سواه، فلن يضرك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى