حكم الإعجاب بالصور المرسومة التي فيها مضاهاة لخلق الله

0 212

السؤال

هل الإعجاب بالرسوم يعد كفرا؟
إذا نظرنا إلى أن الرسم فيه مضاهاة لله، مع العلم أن الإعجاب بها يكون بسبب جمال الألوان والفكرة ودقة التفاصيل، مع تجريم الرسام قلبيا وإنكار فعله، فهل يدخل ذلك في قوله تعالى: (وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره ۚ وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين)؟
وبالنسبة للرسام نفسه هل يكفر بفعله للرسم أم يكون مرتكبا لأمر نزل فيه التهديد والوعيد (مثله مثل آكل الربا والزاني)؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فيحرم رسم صور ذوات الأرواح؛ لما في الصحيحين: "أن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة، ويقال لهم: أحيوا ما خلقتم".

ويحرم التفرج على الصور المحرمة عند جمع من أهل العلم؛ فقد قال الشيخ منصور سبط الطبلاوي في حاشيته على تحفة المحتاج: وكل ما حرم حرم التفرج عليه؛ لأنه إعانة على المعصية. اهـ.
وجاء في حاشية الصاوي من كتب المالكية: والنظر إلى الحرام حرام. اهـ.

وقال العدوي في حاشيته على كفاية الطالب: والحاصل: أن ما يحرم فعله، يحرم النظر إليه، وما يكره، يكره، وما يباح، يباح. اهـ.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: يحرم التفرج على الصور المحرمة عند المالكية والشافعية. لكن إذا كانت مباحة الاستعمال -كما لو كانت مقطوعة أو مهانة- فلا يحرم التفرج عليها.

قال الدردير في تعليل تحريم النظر: لأن النظر إلى الحرام حرام . اهـ.

ولكن التفرج على هذه الصورة والإعجاب بها بل وعملها لا يعد كفرا.

وأما هل يدخل الإعجاب بالصور المحرمة تحت قوله تعالى: وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره ۚ وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين؟ فقد استدل أهل العلم بهذه الآية على منع مجالسة أهل المعاصي ولو كان الجالس غير راض بحالهم؛ قال الجصاص في أحكام القرآن عند تفسير قوله تعالى: {فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم }. قال: إنكم مثلهم في الرضا بحالهم في ظاهر أمركم، والرضا بالكفر والاستهزاء بآيات الله تعالى كفر، ولكن من قعد معهم ساخطا لتلك الحال منهم لم يكفر، وإن كان غير موسع عليه في القعود معهم. اهـ.

وقال ابن العربي: وهذا دليل على أن مجالسة أهل الكبائر لا تحل. اهـ.

وقال السعدي: وكذلك يدخل فيه حضور مجالس المعاصي والفسوق التي يستهان فيها بأوامر الله ونواهيه، وتقتحم حدوده التي حدها لعباده, ومنتهى هذا النهي عن القعود معهم {حتى يخوضوا في حديث غيره} أي: غير الكفر بآيات الله والاستهزاء بها, {إنكم إذا} أي: إن قعدتم معهم في الحال المذكورة {مثلهم} لأنكم رضيتم بكفرهم واستهزائهم، والراضي بالمعصية كالفاعل لها، والحاصل: أن من حضر مجلسا يعصى الله به، فإنه يتعين عليه الإنكار عليهم مع القدرة، أو القيام مع عدمها. اهـ.

فيؤخذ من الآية تحريم حضور مجالس الرسم ومعارض الصورة المحرمة لما في ذلك من إقرار المنكر، كما أن حرمة النظر إلى المحرم تقتضي بالأولى حرمة الإمعان فيها والاسترسال في نظرها.

هذا وإذا كانت الصور مباحة كالمناظر الطبيعية ونحوها مما ليس فيه روح فلا حرج في رسمها والنظر إليها والإعجاب بها.

ونكتفي بجواب سؤالك الأول، ونرحب بالباقي في رسالة أخرى، التزاما بنظام الموقع من أن على السائل الاكتفاء بكتابة سؤال واحد فقط، وأن السؤال المتضمن عدة أسئلة يجاب السائل على الأول منها فحسب.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة